فكري أباظة هو أحد أعلام الأدب والصحافة السياسية في مصر ويلقب بشيخ الصحفيين، وهو أيضا من مناضلي الحركة الوطنية المصرية، ومن خطباء ثورة 1919 التي تزعمها سعد زغلول، بل كان مؤلف وملحن نشيد الثورة المصرية آنذاك.
بدأ أباظة العمل الصحفي في صحيفة “المؤيد”، ثم “الأهرام”، ثم عمل محرّرا في مجلة “المصور” عام 1924، وأصبح رئيسا لتحريرها بعد عامين فقط، واستمر في منصبه هذا حتى عام 1961.
في هذه السنوات العديدة كان لفكري أباظة مقالات ثابتة في المجلة، يتحدث فيها عن أمور سياسية واجتماعية تهم الشعب المصري، إلا أن إحداها لافت للانتباه.
في إحدى أعداد “المصور” الصادرة عن دار الهلال كتب أباظة مقالا بعنوان “هؤلاء الصغار” يرصد خلاله شيوع ظاهرة ارتكاب الشباب لبعض الجرائم، حيث يعزو ذلك لبعض الأمور التي تغيرت في المجتمع المصري.
يقول أباظة في مقاله “إن المسئول هو البيت المصري الحديث الذي ضعفت فيه أو زالت سلطان الأب والأم وولي الأمر، هانت الأبوة، وهانت الأمومة، وأنمحت تقاليد الطاعة ودساتير الاحترام، وعناصر الخوف والرهبة”، ويقارن الكاتب بين الأيام التي يتحدث عنها في منتصف الخمسينيات، وأيامه فيقول “كانت في أيامنا تقاليد مقدسة مرعية، فما كان الصغير منا يجرؤ أن يعصي أمرًا أو ينقض نهيًا، أو يشذ أو يرفع راية التمرد في وجه الكبار”.
أما عن دور المدرسة فيقول أباظة “إن المدرسة لم تصبح مدرسة!، المدرسة التي عرفناها في أيامنا وأجيالنا والتي كانت ترهب جانبها وتخشى ناظرها ومدرسها وضابطها وفراشها لم تصبح المدرسة ذات الرهبة وذات الإجلال والتقديس”.
ويهاجم أباظة أيضا في مقاله ما فعلته السينما في الصغار فيقول “ذاعت السينما المفسدة وشاعت، ونفثت سمومها في نفوس وأذهان هؤلاء الصغار المقلدين، وقد اكتظت أفلامها وقصصها بالمذابح والجرائم وأساليب الفتك والسفك وألاعيب الهاربين من وجه العدالة والقانون بغير رقابة من السلطات المختصة، فأحدثت هذه الدروس المنظمة المتتابعة المتلاصقة أثرها المحطم في أخلاق الصغار.
كما يهاجم أيضا القصص والروايات الحاشدة بالجرائم الوحشية، وأيضا الصحافة التي لا تقدر نتائج الترويج لنشر هذه الجرائم في أبواب الحوادث ما ساهم في انتشارها.
ترى كيف كان سيكتب فكري أباظة في سنة 2017؟