للسيد أحمد البدوي، القطب العارف بالله، كرامات يتحدث عنها المصريون بإسهاب واستفاضة. مولده في طنطا، والذي يقام حول ضريحه، يعتبر من أكبر وأهم الموالد الشعبية التي يحج إليها أبناء الطرق الصوفية في مصر، وحتى في العالم العربي.
لكن علاقة السيد البدوي بالسياسيين هي التي كانت محل دهشة، لإجماعهم عليه، وحبهم له، في حياته ومنذ أن جاء إلى طنطا قادماً من الجزيرة العربية، وبعد مماته أيضاً، إذ كان له مكانته الكبيرة وقدره الجليل عند حكام مصر، وغيرهم من المستعمرين.
سعيد أبو العينين صاحب كتاب “رحلة أولياء الله في مصر المحروسة” يقول إن المؤرخين ذكروا أن السيد البدوي عاصر من حكام مصر، الملك العادل أبو بكر الكامل، والصالح نجم الدين أيوب، وعز الدين أيبك التركماني، والمظفر قطز، والظاهر بيبرس.
** اقرأ أيضا: مدد يا أم هاشم!.. 7 أدلة تاريخية تؤكد أن السيدة زينب لم تدفن بمصر
وقد أفاض المؤرخون الذين تناولوا سيرة السيد البدوي في الحديث عن مظاهر ذلك الاهتمام، وأوردوا الكثير من الحكايات عنها. إذ يذكر الإسحاقي في تاريخه أن محمد علي باشا قصد زيارة السيد أحمد البدوي، ونزل في موكب كبير إلى طنطا وأحسن إلى الفقراء هناك.
فيما يذكر ابن إياس المصري في كتابه “بدائع الزهور في وقائع الدهور” أن السلطان قايتباي كان كثير الإعجاب بالسيد البدوي والاعتقاد فيه، وأنه زار ضريحه سنة 888 هجرية، وكان وقتها زاوية صغيرة، لكنه أمر بتوسيعها، وإقامة مسجد و”قبة” كبيرة فوق الضريح.
ثم جاء علي بك الكبير وأقام المسجد الكبير على نفس المساحة الموجودة الآن، كما شيد أيضاً مقصورة من النحاس لضريحه، كما أنشأ أمام المسجد سبيلاً فوقه كتّاب لتعليم اليتامى القراءة والكتابة وحفظ القرآن، وفقاً لـ”أبو العينين”.
كما يقول ابن إياس إن زوجة السلطان “حشقدم” واسمها “خوند شكرباسي” كانت من أتباع الطريقة الأحمدية (نسبة إلى السيد أحمد البدوي)، وعندما توفيت عملوا بوصيتها ووضعوا نعشها على “خرقة” من خرق الصوفية، وأمام نعشها رفعوا الرايات الحمراء، والتي كانت تميز الطريقة.
أما الجبرتي فيؤكد في كتابه التاريخي المهم “عجائب الآثار في التراجم والأخبار” أن الجنرال مينو – ثالث قادة الحملة الفرنسية على مصر بعد نابليون وكليبر – وقف ليدلل على حب القائد الأول بونابرت لمصر وأهلها، فقال لعلماء الأزهر في اجتماع بهم إن نابليون كان ينوي السفر إلى الحج الشريف في الكعبة، وزيارة مقام السيد أحمد البدوي!
** اقرأ أيضا: عن الذين شاهدوا رأس الحسين.. 3 وقائع فُتح فيها القبر الشريف بالقاهرة
وفي العصر الحديث فإن عدداً كبيراً من الزعماء والسياسيين كانوا مضروبين بحب السيد البدوي وزيارة مقامه، حيث يقول عبدالرحمن الرافعي في كتابه “عصر إسماعيل” إنه في صيف 1876 ميلادية اضطرت حكومة عبدالله باشا عزت للاجتماع بأكملها في طنطا، لأنه تصادف الاجتماع مع مولد السيد البدوي، وأن رئيس الحكومة علم استحالة الاجتماع في القاهرة، نظراً لسفر أغلب الوزراء لحضور المولد.
وعندما أراد الخديو إسماعيل أن يجمع أكبر مبلغ من المال من أعيان الدولة للصرف على مشروعاته التي كان يقيمها في بر مصر، لم يجد فرصة أفضل من مولد السيد البدوي، فأقام وليمة هناك، ونجح في مراده.