في 18 من شهر رمضان للعام 40 هجرية قُتل الإمام علي بن أبي طالب على يد عبد الرحمن بن ملجم.
هذا الحادث الذي غيّر التاريخ الإسلامي، حيث أتى معاوية بن أبي سفيان خليفة للمسلمين بعد الإمام عليّ، ليعلن نفسه أول الملوك في العصر الإسلامي.
ولكن ماذا حدث في هذه الأيام؟، وما حقيقة أن امرأة هي السبب في قتله؟.
تقول الرواية الأولى، أن سبب قتل الإمام علي كان سياسياً، حيث كان بن ملجم من شيعة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بالكوفة، وسار إليه إلى الكوفة، وشهد معه معركة صفين، لكنه بعد ذلك خرج على الإمام علي، فكان من الخوارج.
قبل الحادث بأيام اجتمع نفر من الخوارج في مكة فذكروا قتلاهم في وقعة النهروان وقال بعضهم “لو أننا شرينا أنفسنا لله فأتينا أئمة الضلالة على غرة فقتلناهم فأرحنا العباد منهم، وثأرنا لإخواننا الشهداء، فتعاقدوا على ذلك عند انقضاء الحج، ومن ثم دعوا بالشراة، فتعهد عبد الرحمن بن ملجم بقتل علي بن أبي طالب، وتعهد الحجاج التميمي المعروف باسم (البرك) بقتل معاوية، وتعهد عمرو بن بكر التميمي بقتل عمرو بن العاص وقد قتل ابن ملجم علي بن أبي طالب في صبيحة يوم 19 رمضان سنة 40 هـ وهو في حال القيام من السجود فيما أخفق الآخران، وكان موت علي بن أبي طالب بعد ثلاث أيام في ليلة 21 رمضان.
تلك هي أحد الروايات المختلف عليها في الغاية التي كان ابن ملجم يرومها من وراء قتله لعلي بن أبي طالب، والسبب الذي دعاه للإقدام على هذا العمل.
هناك رواية أخرى تقول أن ابن أعثم الكوفي يرجع تدبير بن ملجم لقتل الإمام علي إلى عشقه لامرأة اسمها قطام، قائلا “ولما انتهت معركة النهروان أقبل عليّ نحو الكوفة، وسبقه عبد الرحمن بن ملجم حتى دخل الكوفة، فجعل يبشر أهلها بهلاك (الخوارج) وكان قد علق قلبه بامرأة يقال لها قطام بنت الأضبع التميمي، فخطبها فاشترطت عليه قتل علي بن أبي طالب فقبل بالشرط”.
وكان بن ملجم ليلة قتل علي في منزل قطام، فلما سمعت أذان بن أبي طالب قامت إليه وهو نائم وكان تناول نبيذاً، فأيقظته وقالت يا أخا مراد! هذا أذان علي، قم فاقض حاجتنا، ثم ناولته سيفه، فتناول سيفه وجاء حتى دخل المسجد فلما ركع أمير المؤمنين وسجد سجدة واستوى قاعدا، وأراد أن يسجد الثانية ضربه بن ملجم ضربة على رأسه”.
واختلف المؤرخون في نهاية بن ملجم، الا أنّ المشهور منها أنه لما أدخل على أمير المؤمنين نظر إليه ثم قال “النفس بالنفس، إن أنا مت فاقتلوه كما قتلني وإن سلمت رأيت فيه رأي، وأوصى به بأن يطعم ويسقى”، فلما مات علي بن أبي طالب وفرغ أهله من دفنه، جلس ابنه الحسن وأمر أن يؤتى بابن ملجم فجيء به ثم أمر بضرب عنقه، وحدث ذلك.
وقال ابن بطوطة في معرض وصفه لمنطقة الكوفة وما شاهده فيها “رأيت بغربي جبانة الكوفة موضعاً مسوداً شديد السواد في بسيط أبيض، فأخبرت أنه قبر الشقي بن ملجم، وأن أهل الكوفة يأتون كل سنة بالحطب الكثير فيوقدون النار على موضع قبره سبعة أيام”.