أثار فيلم وثائقي جديد، أذاعته قناة “الجزيرة الوثائقية” مؤخرا، بعنوان “إبراهيم الفقي – بائع الأمل”، الكثير من علامات الاستفهام حول حقيقة ما كان يقدمه مدرب التنمية البشرية الشهير، ومدى صحة النظريات التي تطرحها فكرة التنمية البشرية للجمهور، خاصة الشباب، وهل يمكن اعتبارها علم قائم بذاته.

واستعرض الفيلم حياة الفقي ونشأته وهجرته إلى كندا، وكيف تحول من مجال الأعمال بعدما أصبح أفضل مدير للفنادق في أمريكا الشمالية، إلى مجال التنمية البشرية، حتى غدا أشهر مدرب في هذا المجال بالوطن العربي.

النرجسية

ونقل الفيلم على لسان الدكتورة هدى زكريا أستاذ علم الاجتماع، أن الفقي وجد مكانه في الفجوة التي ملأت نفوس الشباب يأسا، حيث وعده أن يأتيهم بالأمل، معتبرة أنه قدم للشباب حلا زائفا إلى حد ما، ولكنه محمل بجرعات أمل كثيرة “والشباب اليائس شرب من هذا الكأس، خصوصا أنه جاوب على الأسئلة التقليدية إجابات غير تقليدية (ستنجح بكل تأكيد)”، لافتة إلى أنه وقف على مسافة واحدة من الأديان واستخدم الآيات التي تصنع حالة من التفاؤل والرغبة في الكفاح، إلا أن خطابه في سنواته الأخيرة اتسم بالنرجسية، حسب قولها.

حلول سحرية

من جانبه، اعتبر استشاري الطب النفسي نبيل القط، أن ما كان يقدمه الفقي ليس له أي أساس علمي، مؤكدا أنه لم يجد أي خلفية نظرية علمية لما يسمى بالتنمية البشرية، قائلا إن علما مثل الطب النفسي مثلا لديه قضايا أساسية يعمل عليها مثل الاكتئاب، وأن الطب النفسي يعد مريض الاكتئاب أن يشفى من مرضه وليس أن يكون أفضل شخص في العالم، على عكس التنمية البشرية التي ليس لديها قضايا أساسية -حسب قوله- لتعمل عليها لذا نجدها تعد الإنسان بالعالم المثالي والقوة المطلقة، وهو وعد سحري وليس علمي واقعي مادي يمكن قياسه.

حبر على ورق

وحول حقيقة شهادة الدكتوراه التي قال الدكتور الفقي أنه حصل عليها، قال الفيلم على لسان المدون العلمي سعد لطفي، إن الفقي زعم إنه ألف علمين من بينهما ديناميكية التكيف العصبي وإنه يمتلك نظرية خاصة في هذا العلم، مؤكدا أن كل ذلك لا يوجد أي دليل علمي عليه، مضيفا أن شهادة الدكتوراه في الميتافيزيقا التي قال الفقي إنه حصل عليها من كلية في لوس أنجلوس، مجرد ورقة ليس لها أي قيمة كون الكلية التي ذكرها الفقي ليس معترف بها ولا يوجد لها اعتماد.

ستاند أب كوميدي

أما الكاتب مؤمن المحمدي، فقد اعتبر أن ما كان يقدمه الفقي عبر محاضراته لم يحتوي على أي مضمون أو مادة علمية أو فكرية، عادا تلك المحاضرات مجرد “شو” يعتمد على الأداء المختلف الذي كان يبرع فيه الفقي، والذي كان -حسب المحمدي- يتدرب عليه كثيرا ليخرج في النهاية بهذا الشكل المرتب الذي كان يظهر في محاضراته، قائلا إنه كان أداء يمكن مقارنته بـ”الاستاند أب كوميدي”.

أينشتاين

كان من اللافت بعض المقاطع التي استعان بها الفيلم للدكتور الفقي، حيث ظهر في أحد المؤتمرات وهو يقارن نفسه بالعالم ألبرت أينشتاين، قائلا إن “أينشتاين ابتكر معادلة.. بس أنا ابتكرت علم كامل”، مؤكدا أن هذا العلم الذي ابتكره جاء مصادفة حيث وضع العديد من الأفكار ليجد من يخبره أن هذه الأفكار جديدة وغير مسبوقة، ويكتشف أنه وضع علما جديدا.

وفاة غامضة

كما تطرق الفيلم إلى حادث وفاة الفقي الذي قضى في حريق هائل شب في منزله حيث لفظ أنفاسه نتيجة الاختناق، وأثار الفيلم علامات استفهام حول الطريقة التي توفي بها الرجل، ولماذا لم يتحرك لينقذ نفسه أو يطلب النجدة أو يجري أي اتصال عبر الهاتف، خاصة وأن الحريق استمر فترة طويلة وكان كفيل بدفع الرجل للاستيقاظ من نومه ومحاولة إنقاذ نفسه، وهي التساؤلات التي ربطها بما اعتاد الفقي أن يردده في محاضراته حول نصائحه للآخرين بكيفية التعامل عند نشوب حريق، وكيف يتصرفون ليستطعوا الخروج أحياء من وسط النيران!