الثقافة الشعبية المصرية عادة ما تـُظهر التصاقا غير عادي بأولياء الله الصالحين، إلا أن مسألة ظهور العذراء مريم عليها وعلى ابنها السلام عادة ما تتكرر كل فترة.
إلا أن أول وأشهر ظهور للعذراء كان في 2 أبريل من العام 1968، في الكنيسة المسماة باسمها في منطقة الزيتون، وقد توالى هذا التجلي، وفقا لكلام الصحف وقتها، في ليالٍ متعاقبة بصورة لم يعرف لها نظير فى الشرق أو فى الغرب، ويطول هذا التجلي فى بعض الليالي إلى بضع ساعات دون توقف أمام عشرات الألوف من البشر من جميع الأجناس والأديان.
بدأت القصة في الثاني من أبريل، عندما علت صيحات الحارس المكلف بحراسة مؤسسة النقل العام المجاورة للكنيسة بشارع طومان باي، حيث ظل ينادي قائلا “نور فوق القبة” بعدما لاحظ ظهور جسما نورانيا فوق كنيسة العذارء.
في البداية اعتقد الجميع أنها فتاة تحاول الانتحار، فسارعوا بإبلاغ النجدة، قبل أن يكتشفوا أن الأمر مختلف كليا عما اعتقدوا، لتتعالى الصيحات مجددا بعدما أيقن بعضهم أن من تظهر فوق القبة هي “مريم العذراء”.
في 5 مايو من العام ذاته، أي بعد شهر و3 أيام، خرجت صحف هذا اليوم وعلى صدر صفحاتها الأولى بيان صدر في مؤتمر صحفي عالمي للبابا كيرلس السادس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية حينها، يؤكد فيه ظهور العذراء فعلا.
بيان البابا كان أمام 150 صحفيا، قال فيه إن “المقر البابوي إذ يصدر هذا البيان يقرر بملء الإيمان وعظيم الفرح وبالشكر العظيم أمام المعزة الإلهية، أن السيدة العذراء أم النور قد والت ظهورها بأشكال واضحة ثابتة في ليال كثيرة مختلفة، ولفترات متفاوتة وصلت في بعضها لأكثر من ساعتين دون انقطاع، وذلك ابتداء من الثلاثاء 2 أبريل في كنيسة السيدة العذراء القبطية الأرثوذكسية بشارع طومان باي في ضاحية الزيتون في طريق المطرية بالقاهرة، وهو الطريق الثابت تاريخيا أن العائلة المقدسة قد اجتازته في تنقلاتها خلال انتقالها في مصر”.
التحقيق الذي نشرته الأهرام في صفحتها الداخلية يؤكد أن الذين رأوا العذراء قالوا إنها تشبه تماما الصور التي يرونها منتشرة في الكنائس ومنازل الأقباط، وهي الصور التي استوحاها الفنانون من رسم القديس لونا الإنجيلي أحد تلامذة المسيح.
“لماذا العذراء وليس المسيح؟”، و”لماذا مصر؟”. سؤالان وجههما للبابا بعض الصحفيين، فأجيب عنهما بأن للسيدة العذراء قدسية لا يختلف فيها اثنان، فهي الأم التي حبلت وولدت بروح الله، وأن الكل يؤمنون بقدسيتها على نفس الدرجة.
أما عن ظهورها في مصر فهو أمر قال الحاضرون عنه أنه علامة على أن النصر قريب، حيث كانت مصر خارجة لتوها من حرب 1967، وأن منطقة الزيتنون نفسها مكانا مقدسا لدى المسيحيين.
وفي رد القساوسة على سؤال عن عدم ذهاب البابا كيرلس نفسه إلى كنيسة الزيتون وانتظاره شهرا كاملا حتى يؤكد نبأ ظهور السيدة العذراء، قالوا إن البابا سيزور الكنيسة قريبا لتلاوة الصلاة هناك، وأنه أرسل عشراء الآباء والمطارنة والأساقفة للتأكد من الأمر، وقابل مئات المواطنين الذين رأوا العذراء في سماء المنطقة بأم أعينيهم، وهذا ما جعله ينتظر أكثر من 30 يوما لتأكيد الرؤية.