بالنسبة لكرم جابر فإن أسطورته كمصارع فذ يمكن تلخيصها في نقطتين من النادر أن تجتمعا في أي شخص ناجح: الموهبة الفطرية الكبيرة، والفشل التام في إدارتها بل والإساءة إليها في معظم الأحيان.
وعليه، فإن قرار عودته إلى حلبة المصارعة مجددًا وهو على مشارف الأربعين من عمره، على خلفية حلم إعجازي يراوده بنيل ميدالية أولمبية ثالثة له في دورة ألعاب طوكيو المقبلة 2020، لتضاف إلى ذهب أثينا 2004 وفضية لندن 2012، إنما هو تجسيد جديد وتام لظاهرة المتناقضات العملاقة المسماة كرم جابر.
رهان التحدي
هو يراهن على قدرته الدائمة على التحدي والإبهار، بينما المنطق يقول إن القطار قد غادر المحطة، وفي رواية أخرى لم يغادرها وحسب، بل انقلب وتحطم أو احترق وصار ركامًا.
كرم يعود لتوه من إيقاف لمدة سنتين لتهربه من المثول الإجباري للكشف عن المنشطات، وفق تعليمات الاتحاد الدولي للمصارعة الرومانية، ما حرمه من تمثيل مصر في أولمبياد ريو دي جانيرو الأخيرة بالعام 2016.
أضف إلى ذلك المشاكل القانونية الضخمة التي طاردته في العامين الماضيين من قبل اتحاد اللعبة بمصر والنيابة العامة ووزارة الشباب، باتهامات أقلها تبديد المال العام (أكثر من 360 ألف جنيه) في تدريبات ومعسكرات داخلية وخارجية والمشاركة في دورات إعدادية، قبل أن يذهب كل ذلك بلا طائل جراء استهتاره.
محطات محيرة
وقبلها، كان لكرم عشرات المحطات المخجلة والمحيرة في آن واحد، منها معاركه على قيمة الجوائز المادية التي كانت تمنحها الدولة للاعبين ممن يحققون بطولات قارية أو عالمية، وبعضها كالميداليات الأولمبية قد تصل قيمتها إلى مليون جنيه.
كرم نال مليون جنيه بعد ذهبية أثينا، و750 ألفًا بعد فضية لندن، من الدولة وحدها. ومع ذلك كان ولا يزال لا يشعر أنه مقدر ماديًا من جانبها، وطالما لوح بأن أمريكا أو بلغاريا وربما روسيا تريد منحه الجنسية ليلعب باسمها.
إن مرات هروبه من معسكرات المنتخب للاشتراك في بطولات مصارعة حرة وقتالية غير معترف بها أولمبيًا في بلاد العم سام تارة، واليابان وغيرها من الدول تارة أخرى، مقابل الحصول على مبالغ مالية ومكافآت طائلة، لا تعد ولا تحصى على مدار السنوات العشر الماضية.
في الأخير، انتهى به المطاف موقفًا، وباتهام يشكك في قدراته البدنية على الصمود، إذ أنه كان في السادسة والثلاثين حين صدر القرار، ومن في سنه لا يمكن أن يحافظ على لياقته وقدراته التكتيكية والفنية العالية في لعبة عنيفة وصعبة كالمصارعة الرومانية. وحين يتهرب أحد من كشف المنشطات، فإن ذلك كفيل بوضع كلمة نهاية حزينة لمسيرته.
لكن لكل قاعدة استثناء، وبخاصة إذا ما كان هذا الأخير من الخوارق.. وكرم جبر من هذا الصنف.
ففي العقدين الأخيرين لم ينل لاعب واحد لقب الأفضل في الأداء الفني حول العالم 3 مرات إلا هو.. إلا أنه وفي كل مرة كان يثبت أنه أسوأ من يدير موهبته، ولما لا وهو من منح الجميع إحساسًا بأنه لا يبحث إلا عن المادة، وبنوع من الطمع، حتى ولو سمى ذلك “تأمين حياة”.
المتهور والوحش
ومع ذلك، هو لا يعرف المستحيل في كل الأحوال، ورغم كل سقطاته، فإنه دائم الصعود لمنصات التتويج في اللحظات الحاسمة، ولا أحد يسأل كيف يفعلها، إذ لن يجد إجابة منطقية في هذا الشأن.
على هذا النحو، فالسؤال الذي يفرض نفسه حاليًا، ليس عن قدرة كرم جابر على العودة والإبهار وربما الإعجاز لو تمكن من نيل ميدالية أولمبية ثالثة، فربما يكون هذا الأمر مفروغًا منه.
السؤال الحيوي في اللحظة الراهنة: من ذلك المتهور الذي سيتمكن وقبلًا سيجرأ ليضرب “الوحش” كرم جابر وطرحه أرضًا ونيل “لمس أكتاف” منه، رغم أنه في دورة طوكيو بعد ثلاثة أعوام من الآن سيكون في الحادية والأربعين؟!.
كرم جابر في سطور
من مواليد 1 سبتمبر 1979
الطول: 182 سم
الوزن: 84 كج
الألقاب والميداليات:
فضية بطولة العالم 2003
ذهبية أولمبياد أثينا 2004
(آخر ذهبية لمصر في الأولمبياد والأولى منذ 1948)
ذهبية البحر المتوسط 2005
فضية أولمبياد لندن 2012
أحسن أداء فني في العالم 3 مرات