“كان عمرى وقتها 6 سنوات تركت خروفي الجميل في حديقة المنزل وصعدت لارتدى ملابس العيد ونزلت حتى يكون صديقي الخروف أول من يرى ثيابي الجديدة، ثم كانت الصدمة أنهم ذبحوه، بكيت كثيرا وتحولت إلى نباتية منذ هذا اليوم وأصبح عيد الأضحى مناسبة كئيبة كل عام ينقبض فيها قلبي حزنا”.
هكذا تحكى إحدى عضوات منتدى “النباتيون العرب” عن قصة تحولها الى نباتية.
تعبر هذه القصة وغيرها عن هذا الجدل المصاحب لعمليات ذبح الأضحية في عيد الأضحى، وهو الجدل الذى ينتقل شيئا فشيئا من الغرب إلى العالم العربي والإسلامي، لاسيما بعد انتشار الوعى بطريقة الحياة النباتية خلال الأعوام القليلة الماضية عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
النباتيون وجمعيات حقوق الحيوان في الغرب وغيرهم يرون في الأضحية ميراث لقرون طويلة من الاعتداء على الحيوانات لا علاقة لها برضا الخالق، هذه المفاهيم وإن كانت لم تنتشر في مجتمعاتنا على نحو كافي، لكنها تلقى الضوء على أزمة مجتمعية يعيشها النباتيون في البلاد العربية.
على الأقل هؤلاء الذين يعيشون في الغرب تدعمهم منظومة تشريعات تقيهم من أن يروا منظر الدماء في الشوارع، وبعضها يجرم ذبح الحيوان من الأساس ويعتمد أساليب أخرى مثل الصعق الكهربائي، وهى طرق مخالفة للشريعة الإسلامية ولا يمكن اللجوء إليها عندنا.
موقف علماء الدين
علماء الدين يواجهون هذه الآراء بردود حادة لا تقبل النقاش، مدعومة بما ورد في القرآن والأحاديث النبوية، غير أن الإسلام لم يكن أول من أتى بالأضحية والذبح كطقس يتقرب به إلى الله، فقد وجد هذا الطقس ضمن منظومة البناء الحضاري منذ القدم.
وينظر النباتيون إلى الأضحية نظرة الرفض ويقولون: ما معنى أن تراق دماء آلاف من الكائنات في يوم واحد بدعوى أنه يوم عيد؟”.
ويستنكرون مصادرة حق الحيوان في العيش ويقومون بحركات احتجاجية يعبرون من خلالها عن رفضهم لهذا النهج، الأمر الذي يستجلب عليهم اتهامات بـ”الكفر” في بعض الأحيان.
إلا أن أزمة النباتيين لم تكن وليدة هذا العصر، فقد ثبت في التراث الإسلامي وجود عدد من النباتيين أيام النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه لم ينكر عليهم رفضهم أكل اللحوم، منهم عمير بن أبي اللحم، وقيل له أبي اللحم، لأنه كان لا يأكل ما ذبح على النصب.
الافتاء لم ترد على حملات الهجوم على الذبح والأضحية، لكنها حرمت مظاهر الوحشية التي يقوم بها البعض خلال الذبح، وقالت إن ترك مخلفات الدماء في الشوارع فيه ضرر وإيذاء للناس ويعرضهم للأمراض، وحذرت من تلويث الجدران والثياب بالدماء عقب الذبح، معتبرة أن هذه الأمور ليست من الإسلام في شيء الذي حس على النظافة.
وفي وقت سابق، شن الأزهر الشريف هجوما على الكاتبة فاطمة ناعوت، بعد انتقادها للذبح ووصفها بأنه نتيجة لـ”كابوس أحد الصالحين”، حيث رد عليها الأزهر حينها بقوله “لست أرحم بالحيوان ممن خلقه حتى تنتقدي شريعة الله في إقرار الأضحية”.