أنهت الكثير من نجمات السينما سواء العرب أو العالم حياتهن بأيديهن. داليدا كانت إحداهن، وكذلك مارلين مونرو وسعاد حسني بحسب التقارير الرسمية.
وبالرغم من أنهن كن في الأصل شهيرات، إلا أن نهايتهم بهذا الشكل المأساوي، كتبت لسيرتهن البقاء والخلود، فدائما ما يكون الفن أقوى تأثيرا لدى الجماهير إذا ما اقترن بالمأساة!
لكن يبدو أن مها غسان الممثلة والمطربة اللبنانية التي عاشت في مطلع القرن الماضي، لم تكن شهيرة بالقدر الكافي الذي يجعلها تنضم إلى هؤلاء، رغم أنها انتحرت بالفعل، حيث أنه سرعان ما نسيها الجميع، بعدما شغلت بعض الصحف والمجلات العربية لفترة ليست بالقصيرة عقب الإعلان عن انتحارها، وهو الاهتمام الذي لم تكن تحظى به في حياتها رغم موهبتها اللافتة.
كما أن غموض تفاصيل انتحارها، وقلة المعلومات عنها، ساهما ضياع ذكراها سريعا مع مرور الوقت، ولم يتبق منها إلا قصة ناقصة غير مكتملة، وأسئلة كثيرة لا تجد من يجيب عنها.
تقرير قديم بمجلة “الكواكب”، كشف أن المطربة اللبنانية مها غسان حاولت الانتحار 3 مرات، في الأولى لأنها أحبت شخصا وأرادوا منعها من الزواج به، وفي المرتين الأخريتين لأنها أبغضته وأرادت الانفصال عنه! ولم يكن هناك ما يحقق أمنيتها هذه غير الموت.
اسمها الأصلي حنينة جورج نصر، نشأت نشأة بائسة تركت في نفسها أثرا عميقا لازمها في حياتها القصيرة التي غربت سريعا بعدما كان يتوقع لها الجميع مستقبلا مشرقا في عالم الفن.
كان أبوها نجارا صغيرا يعمل طوال يومه ولا يجني من عمله الكثير، وكانت أمها امرأة بائسة عانت مر الحياة وكان لها من زوجها السابق ولد، ومن زوجها الجديد ولد، ما جعلها مشتتة بين أسرتين.
ويقول تقرير “الكواكب” أنه على الرغم من أن مها غسان كان لها جمال أخاذ، إلا أنها كانت مفرطة في الكآبة، مستسلمة لأحلامها السوداء، مضيفا “كان للأسرة صديق يعني بالفن ويعاشر الممثلين والمغنيين، نصح أبيها أن يستغل صوت ابنته الجميل فيلحقها بإحدى الفرق التمثيلية، فتتعرف بذلك إلى الناس وتألف عشرتهم، وتربح في الوقت نفسه المال والشهرة والمجد”.
وسرعان ما استجاب الأب لنصيحة صديقه، فسمح لابنته بالعمل في فرقة لبنان للتمثيل العربي، وبدأت الفتاة حياتها الجديدة بالرغم من رفض الأم التي كانت ترى تكره هذه المهنة.
وبالفعل، كشفت مها غسان عن موهبة فنية ممتازة أهلتها لأن تكون بطلة مسرحية “فتاة الأرز”، وهي المسرحية التي كانت سببا في تسميتها باسم الشهرة الذي عرفت به “مها غسان” وتخليها عن اسمها الأصلي.
وسرعان ما لمع اسمها في عالم التمثيل، فتعاقدت محطة الشرق الأدنى مع صاحبته على الغناء وكانت لاتزال في فلسطين، فسافرت الفتاة إلى هناك ولبثت وقتا غير قصير ترسل أغانيها على أمواج الأثير، فيرددها المعجبون في كل مكان.
وكان من بين المعجبين أخوان اسمهمها أميل وسليم، فالتقت بأولهما في فلسطين، وتوطدت علاقة الصداقة بينهما، وحدثها عن أخيه سليم وعن إعجابه الشديد بها، ولما اعتزمت العودة إلى بيروت للعمل في محطة الإذاعة اللبنانية كتب لها رسالة لتسلمه إياها وتتعرف به.
ما كادت مها تتعرف بهذا الشاب ويبدي لها إعجابه، ويعرب لها عن حبه حتى استجابت لعاطفته، خاصة وأن مظهره يكشف أنه شديد الثراء ويملك سيارة فارهة ودفتر الشيكات لا يفارقه.
الغريب، أن تقرير مجلة “الكواكب” انتهى إلى هنا، ولم يكشف تفاصيل نهاية هذه الشابة، وترك قرائه حيارا بعدما قدم معلومات قليلة ولكنها مثيرة، أثارت لعاب القراء لمعرفة المزيد عن هذه المطربة الغامضة.
وعندما حاولنا البحث في محرك البحث الأشهر “جوجل” عن هذه الفنانة المنتحرة، لم يظهر شيئا على الإطلاق، سوى قصيدة للشاعر والكاتب الصحفي اللبناني وديع عقل، الذي تولى منصب نقيب الصحفيين اللبنانيين في مطلع القرن، يقول في مطلعها (حنت مها غسان ** وجدا إلى لبنان ** في صيفه الفتان ** تفديه بالغزلان)، إلا أن القصيدة لا تتناول قصة الفتاة، بل إننا لا نملك أي دليل على أن عقل كان يقصد تلك المطربة بالتحديد في قصيدته.
إلا أن المؤكد، أن انتحار هذه المطربة، كان سببا في اشتهارها حتى ذاع صيتها وانشغلت بها الصحافة لفترة، لا بسبب صوتها أو موهبتها الفنية، ولكن بسبب قصتها المأساوية وإنهاء حياتها وهي لازالت في مقتبل العمر، قبل أن تختفي أخبارها مع الوقت ويطويها النسيان.