لكل زمان خصائص تميزه، وسلبيات تعيبه.
في رحلة السينما المصرية منذ نشأتها الأولى في أواخر القرن الثامن عشر، وحتى الآن، مطبات وتقلبات، نجاحات وانكسارات، بين مؤشرات صاعدة وأخرى هابطة، اختلاف في الموضوعات المطروحة وتقنيات تقديمها، ممثلون ومؤلفون ومخرجون ومنتجون عظماء وآخرون طواهم النسيان.
ولكن سيظل التاريخ تاريخًا، فلن تفلح محاولات حذف صفحات منه، أو زيادتها، ولو ذهب الذاهبون.
علاقة حكام مصر بالسينما من الأمور التي لم يتطرق إليها الكثير من النقاد والمؤرخين للسينما أو حتى المؤرخين للأحداث.
عباس حلمي الثاني
يؤرخ البعض إلى أن نشأة السينما المصرية الناطقة كانت في عشرينيات القرن الماضي، بينما كان أول عرض سينمائي تجاري في يناير 1896، بمقهى زواني بالإسكندرية، ثم تبعه عرض آخر في القاهرة في ديسمبر من نفس العام في سينما (سانتى)، بينما تأسست أول شركة مصرية سينمائية باسم “عزيز ودوريس” عام 1906 في الإسكندرية كشركة لدور العرض والتوزيع والإنتاج.
كانت بدايتها من خلال إنشاء دار عرض “سينما فون عزيز ودوريس” في الإسكندرية، وفي نفس العام قدمت تلك الدار أول عرض ناطق بطريقة الأسطوانات المنفصلة عن الفيلم.
وكان ذلك كله في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني الذي حكم مصر من 1892 وحتى 1914، ولكن المصادر التاريخية لم تذكر بدقة مساهماته في صناعة السينما أو دعمها، إلا أن التأريخ للسينما المصرية بدأ بفيلم يحمل اسم الخديوي، وهو “زيارة الخديوي عباس حلمي الثاني لمسجد المرسي أبو العباس” سنة 1907، حيث يصنفه المؤرخون باعتباره أول فيلم مصري أنتج على أرض مصر، ولذا احتفلت مصر بمئوية صناعة السينما عام 2007.
وكان هذا الفيلم من إنتاج شركة “فون عزيز ودوريس” المذكورة.
في نفس الفترة، قام الأخوان لوميير الفرنسيان مخترعي السينما، بإرسال بعثة تصوير إلى مصر، للقيام بتصوير عدة شرائط سينمائية في القاهرة والإسكندرية وجنوب مصر، بلغت 35 شريطا سينمائيا، فبدأت فكرة عرض السينما تداعب مخيلة الأجانب المقيمين في مصر، فتم إنشاء ثلاث دور عرض سينمائية في القاهرة دفعة واحدة.
وعلى الرغم من انتماء الخديوي عباس حلمي الثاني للطبقة الحاكمة الثرية، إلا أنه لم يحذو حذو كثير منهم في ذلك الوقت، حيث اعتبروا أن هذا الاختراع الجديد (السينما) هو اختراع منحط، بسبب إقبال عامة الشعب عليه.
السلطان حسين كامل
عزل الإنجليز الخديو عباس حلمي الثاني، فجاء حسين كامل، ابن الخديو إسماعيل، لينصب نفسه سلطانا على مصر، منهيا بذلك السطوة الاسمية للدولة العثمانية، مع الحرب العالمية الأولى التي كانت الدولة العثمانية فيها طرفا ضد قوى الغرب.
في هذه الفترة تحديدا، صارت السينما مجالا خصبًا ومربحًا لأصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين المصريين والأجانب، فقام مجموعة من الإيطاليين بتأسيس شركة “سينيشيتا” السينمائية في الإسكندرية أيضا، وقام بتمويلها بنك روما بمبلغ 20 ألف جنيه، وهو مبلغ كبير وخرافي بمقاييس تلك الفترة، فأنتجت الشركة العديد من الأعمال إلا أن أهمها كان الفيلم الروائي القصير “نحو الهاوية” للمخرج الإيطالي إكسيليو وتصوير امبرتو.
وكان ذلك في العام 1917، وهو العام الذي توفي في نهايته السلطان حسين كامل.
ولم تذكر المصادر أيضا أي ارتباط مباشر بين السلطان حسين كامل والسينما.