“تبرعوا لبناء مسجد”.
كثيرا ما نسمع هذه الجملة في شوارع عدد من البلدان العربية، والتي قد تتحول في بعض الأحيان إلى توجه حكومي لإعمار الأرض ببيوت الله.
إلا أن في المغرب الأمر بدا مختلفا قليلا، فقد أطلق نشطاء مغاربة دعوة على الإنترنت يطالبون فيها الحكومة المغربية بإيقاف بناء مسجد في حي “أنزا العليا” في أغادير، بداعي أن “بناء مسجد كبير بتكلفة باهظة ليس أولوية بالنسبة لحي يفتقر لكل شيء”.
وأشارت الدعوة إلى أنه “ليست المساجد هي ما ينقص، بل فرص العمل، وحماية الأطفال”.
في مصر مثل شعبي يجسد دعوة النشطاء المغاربة تلك وهو “اللي يعوزه البيت.. يحرم على الجامع”، وهذا المثل تجسيد لـ “فقه الأولويات”، ويعني الأحق والأجدر والأقرب، أو وضع كل شيء في مرتبته فلا يؤخر ما حقه التقديم، أو يقدم ما حقه التأخير، ولا يصغر الأمر الكبير ولا يكبر الأمر الصغير.
وقال الشيخ محمد وسام، مدير إدارة الفتوى المكتوبة بدار الإفتاء المصرية، إن مثل “اللي يعوزه البيت يحرم على الجامع” من الأمثال الشعبية المصرية المأخوذة من الأحكام الشرعية.
وأوضح وسام، خلال لقاء تليفزيوني، أن الإنفاق على الأسرة والأبناء أولى من أي شيء آخر لأنه واجب على الأب، مشيرًا إلى أنه لا يليق بالمسلم أن ينفق أمواله على الفقراء وأولاده يحتاجونها، مستشهدًا بما روي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أنه قال، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: “كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ، أو يَعُوْلُ”.
الدعوة المغربية قالت “بمبلغ فلكي ناهز 35 مليون و800 ألف درهم، يرغب مواطنون محسنون في بناء مسجد بحي أنزا العليا بجهة أغادير، سوى أن هذا الحي، حيث يعيش أكثر من 40 ألف نسمة، يتوفر على دور شباب لم تفتح أبوابها أبدا لغياب الموارد المالية، فيما يُفتح مستوصفان أبوابهما لساعة واحدة او اثنتين في اليوم، ولا يتوفران لا على تجهيزات أو أدوية لتلبية حاجيات السكان، كما أن البنايات الرياضية منعدمة، وحيث لا توجد مسارح ولا مكتبات أو مراكز لتصفية الدم، أو مدارس للأطفال ذوي لاحتياجات الخاصة.. ولا حتى مركز شرطة. من خلال هذه العريضة، نتمنى لفت انتباه السلطات العمومية إلى أن بناء مسجد كبير بتكلفة باهظة ليس أولوية بالنسبة لحي يفتقر لكل شيء، متمنين أن توظف الأموال، التي تم جمعها، في تحسين عيش الساكنة، أولاً”.
الدعوة التي أطلقها النشطاء لإيقاف بناء المسجد، لاقت تفاعلاً متبايناً، حيث علق داعية سلفي بقوله “موقف يستحق كل تقدير”، في حين استشهد البعض بقوله تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ).. (البقرة – 114).