تعتبر كنيسة “سانت تريزا” بشبرا، واحدة من أشهر الكنائس في مصر، حيث لا يتوقف الزوار الذين يفدون إليها ليل نهار في مختلف شهور العام.
وترجع تلك الشهرة، التي تميز هذه الكنيسة عن غيرها من الكنائس المنتشرة في ربوع مصر، بسبب تعلق المصريين بها، مسيحيون ومسلمون! وبصاحبتها التي سميت الكنيسة على اسمها، القديسة تريزا، أو كما يطلق عليها محبوها “الأم الطاهرة”.
تتبع كنيسة سانت تريزا طائفة الأقباط الكاثوليك، وبنيت في شبرا عام 1931، على الطراز البازيليكي الشبيه بالمعابد الرومانية، وتنسب إلى قديسة دخلت الدير وهي لم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها، وكان اسمها الأصلي (ماري فرنسوا تريزا مارتين).
عاشت القديسة تريزا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في فرنسا، ولقبت بـ”وردة المسيح الصغيرة”، حيث تعتبر واحدة من أشهر قديسات الكنيسة الكاثوليكية على مستوى العالم، وتعتبر من أهم قديسات العصر الحديث، لتأثيرها الكبير الذي خلفته على المسيحيين من كل الطوائف، وهو التأثير الذي امتد إلى الديانات الأخرى.
وكان قِصر عُمر القديسة سببا في شهرتها، حيث توفيت بعد 9 سنوات فقط من رهبنتها، أي وهي في الرابعة والعشرين من عمرها، وبالرغم من قصر حياتها، إلا أنها تمكنت من كتابة كتاب وحيد أسمته “حكاية روح”، كان أشبه بسيرة ذاتية حاولت فيه توضيح الأسباب التي دفعتها للرهبنة في هذه السن المبكرة، وكان لهذا الكتاب تأثير كبير في الأوساط المسيحية.
وكان من أشهر الجمل التي حفظها عنها مريدوها، الجملة التي تقول فيها: “في حضور الله، في هذا المكان المقدس، أنا أوثق ما أقوله، وأشهد بفمي، أنا لن أدنس جسدي بأي طريقة، ولن أسرق، ولا أنطق بشاهدة كاذبة، ولن أكذب، ولن أقوم بعمل أي شيء مخادع سرا، وإذا تجاوزت ما تعهدت به، فسوف أرى ملكوت السماوات، ولكني لن أدخلها، لأن الله الذي قررت هذا العهد في حضوره، سوف يهلك روحي وجسدي في نار متقدة، لأنني نقضت العهد الذي قررته”.
وتضم كنيسة شبرا، قاعة تحوي مجموعة لوحات رخامية، تكشف حب المصريين من أقباط ومسلمين لهذه القديسة الفريدة، حيث ضمت اللوحات أسماء لشخصيات بارزة خاصة من الفنانين، جاءوا ليشكروها ويطلبوا منها أن تكون إلى جوارهم دوما.
داخل هذه الحجرة، ستجد عدة لوحات رخامية موقعة باسم عبدالحليم حافظ، كتب فيها “شكرا لأمنا الحبيبة تريزا”، “باركيني أيتها الأم الطاهرة”، “كوني بجواري أيتها القديسة الطاهرة”، “إلى روح القديسة الطاهرة تريزا مع شكري العميق”.
كما ستجد بين اللوحات الكثيرة التي تزدحم بها الحجرة، لوحة موقعة باسم “نجاة حسني” أو المطربة نجاة الصغيرة، كتبت فيها “باركيني أيتها الأم الحنون”.
وكذلك لوحة باسم فريد الأطرش كتب فيها “نتبارك دائما بروحك الطاهرة يا أمنا الحنون”، وكتبت شقيقته الفنانة أسمهان “شكرا على مساعدتي أيتها القديسة الحبيبة”، ولوحة أخرى موقعة باسم الموسيقار محمد عبدالوهاب عام 1958، كتب فيها “شكرا للأم الطاهرة”، أما أم كلثوم فقد كتبت في لوحتها الموقعة بتاريخ 1960 “أتبارك بك دائما أيتها الأم الطاهرة”.
ويقول القائمون على الكنيسة، إنها تستقبل الكثير من النذور، من مختلف الطوائف المسيحية بالإضافة إلى المسلمين، مؤكدين أن تلك النذور المقدمة لسانت تريزا، تعكس عمق المحبة التي تجمع المصريين بغض النظر عن دياناتهم.