معلوم أن اليهود المصريين كانوا جزءا من النسيج المجتمعي المصري قبل انشقاق الحرب العربية الصهيونية في سنة ١٩٤٨، فصارت إسرائيل ملاذا لكثير منهم، ووطنا للراغبين في الانتماء لبلد اختار الهوية الدينية.
كثير من رجال الاقتصاد المصريين اليهود كان لهم دور مهم في الحياة المصرية، كذلك الفنانين ورجال السياسة، إلا أن الحاخام “حايم نحوم” أفندي كان له دور في أمر آخر.
كان نحوم المولود في تركيا العام 1873، أول يهودي، أو ربما يكون اليهودي المصري الوحيد الذي كان عضوا في مجمع اللغة العربية.
نحوم هو الحاخام الأكبر لليهود في مصر منذ تعيينه في هذا المنصب بمرسوم ملكي صدر في 2 مارس 1925 وحتي وفاته في 13 نوفمبر 1960. انضم كعضو في المجمع بمرسوم ملكي آخر في 13 ديسمبر 1932.
تعوّد نحوم منذ نعومة أظفاره على حب المعرفة والعلم والاطلاع، فتعلم في كلية الحقوق التركية ثم أكمل تعليمه في جامعة السوربون الفرنسية، هاجر من تركيا إلى مصر في أوائل القرن العشرين، وحصل على الجنسية المصرية في سنة 1929، وتم تعيينه في مجلس الشيوخ المصري.
كان يتقن الفرنسية والإسبانية والتركية والعربية والعبرية والحبشية، وعُرف كشخصية محبوبة ومحترمة في الأوساط السياسية والثقافية لمواقفه الوطنية وتحفظه تجاه الصهيونية وهجرة اليهود المصريين إلي إسرائيل آنذاك.
استنكر العدوان الثلاثي الذي شنته فرنسا وبريطانيا وإسرائيل العام ١٩٥٦، وقال إن اليهود المصريين جزء لا يتجزأ من الأمة المصرية، رافضا أن يتحدث الإسرائيليون باسمهم.
كان قدوة في أدب الزمالة وحق العلم، ولم ينقطع عن المشاركة في جلسات مجمع اللغة العربية، ووصفه الأديب الكبير الراحل توفيق الحكيم بأنه معروف بعلمه الغزير في أصول اللغة العربية، ووقت وفاته عقد المجمع اللغوي جلسة لتأبينه اختير فيها الأديب عباس محمود العقاد ليلقي كلمة في وداعه.