ربما أخذ صناع كارتون “توم آند جيري” الشهير فكرة إحدى حلقاته من كارثة حقيقية حدثت قبل 200 عام.
الحلقة المقصودة أظهرت شجار القط “توم” والفأر “جيري” المعتاد، باستخدام “صندوق للبيرة” أو ما يطلق عليه “الجعة”، حيث دمر الاثنان الصندوق ما أدى إلى حدوث فيضان من “البيرة”، عام فيه الفأر “السكران” حتى نهاية الحلقة.
أما الكارثة المقصودة فهي لمصنع البيرة الذي كان يسمى “حذاء الحصان” في منطقة سانت جليز بلندن، والذي أنشيء عام 1810، حيث كان القائمون على المصنع يخمرون البيرة في خزان خشبي بسعة 22 قدما وارتفاع 6.7 متراً، وصمم الخزان بشكل دقيق معلقاً بحلقات حديد عملاقة.
وبعد أربع سنوات على إنشاء المصنع، وتحديداً في 17 أكتوبر 1814، انفصلت إحد هذه الحلقات الحديدية العملاقة، وانفجر الخزان مسببا ما يشبه بـ “تسونامي” من البيرة!
كان دفع الانفجار قوياً، حتى أن الجدار الخلفي للمصنع انهار تماماً، وفجر عدة حاويات أخرى، سعتها ما يقرب من 15 قدم.
تسونامي البيرة أغرق الشوارع المحيطة بالمصنع بما يقارب من 1.2 مليون لتر بيرة، أو ما يساوي 320.000 جالون.
كان المصنع يقع في منطقة عشوائية فقيرة تضم الكثير من المنازل البسيطة حيث كانت كثافتها السكانية عالية، فلم يستغرق الوقت كثيراً حيث حصدت البيرة الثائرة أرواح عدد من المواطنين، بل وهدمت عدة منازل على رؤوس أصاحبها، ولم تستطع فرق الإنقاذ البدائية وقتها أن تستخرج جثث الضحايا الذين ظل عددهم مجهولا، حيث فُقد الكثير من الأطفال تحت أنقاض المنازل.
السلطات وقتها لم تلق اللوم على مصنع البيرة، بل ألقوا اللوم على المواطنين الذين أسرعوا لصيد صناديق البيرة الصغيرة وتخبئتها بعيداً عن الأعين، حيث حاول بعضهم أن يجمع البيرة السائلة، وكأنه يملأ من النهر الجاري، ولم يهتموا بالجثث السابحة في هذا الفيضان.
انهيار المنازل وغرق الضحايا لم تكن الكوارث الوحيدة بل تسبب هذا الفيضان في تسمم الكثير بالكحول، حيث توافد المصابون على مستفيات المدن المجاورة لتلقي العلاج.
ونتيجة لهذه الحادثة، انتبه خبراء صناعة البيرة إلى أن التخزين في مثل تلك الصناديق الخشبية غير آمن، حيث اتجهوا لتخزينها في الخزانات الخراسانية.