في منتصف القرن التاسع عشر، أرسلت فرنسا جيوشها للجزائر لفرض سيرتها عليها وتحقيق نفوذها في أفريقيا، إلا أن الشعب الجزائري واجه الاعتداء الفرنسي ببسالة كبيرة، بعدما قرر أن يثور لحماية الأرض.

كان يقود الثورة ضد فرنسا “المرابطون”، والمرابطون هم مجموعة من رجال الدين والقبائل الأقدم في الجزائر، الذين اعتقد الجزائريون في قدراتهم الخارقة النابعة من معرفة “السحر” وقدرتهم على ردع العدو وحماية الأرض بقوى سحرية.

وعندما رأت فرنسا ثورة الجزائريين ورفضهم الجلوس للتفاوض حول تسليم الأرض، قررت باريس اللجوء إلى أساليب مختلفة لإضعاف عزيمة المقاومة.

ونتيجة غضب نابليون الثالث الكبير من المقاومة، بدأ في عملية بحث موسعة عن نقاط الضعف لدى الجزائريين، فتوصل إلى إيمان الجزائريين بالقوى السحرية للمرابطين، فقرر محاربتهم بما يؤمنون به.

بدأت خطة نابليون بإرسال أشهر ساحر في فرنسا، “روبرت هوديني” والذي لقب بعد ذلك بـ”والد السحر الحديث” كونه من أوائل مؤسسيه.

ساحر بالصدفة

كان هوديني شابا فرنسيا، فشل في أن يمتهن المحاماة، فاضطر إلى تعلم مهنة والده، وهي صناعة الساعات.

في إحدى المرات ادخر هوديني مبلغا من المال لشراء مجموعة كتب متخصصة في صناعة الساعات، وبعد شرائها عاد بها إلى منزله، ليكتشف أن البائع أبدلها دون أن يقصد بكتب تتكلم عن السحر وما كان يعرف حينها باسم “التسالي العلمية”.

وبدلا من إرجاع الكتب، فضل هوديني مطالعتها أولا، فاستهوته الفكرة، وقرر أن يحترف ممارسة السحر، بعدما تعلم من تلك الكتب مبادئ السحر الأولية,.

وبالرغم من أنه كان يهوى فكرة “تحضير الأرواح” ويؤمن بها، إلا أن أعماله السحرية كانت قائمة جميعها على خدع علمية بحتة.

خداع الجزائريين

توجه روبرت هوديني إلى الجزائر بأمر من نابليون، وتم حشد الجماهير الجزائرية حوله، بعدما أخبرهم الفرنسيين أنهم قادرين على هزيمة قواهم ومعرفتهم السحرية عبر الساحر الذي لا يبارى هوديني.

وبالفعل، استطاع هوديني أن يخدع الجزائريين ببعض الحيل العلمية التي لم تكن معروفة في ذلك الوقت المبكر من عمر الثورة الصناعية، فتحدى السحرة الجزائريين وحرك مجموعة من الصناديق الثقيلة عن طريق القوى الكهرومغناطيسية، كما قام بإطلاق شحنات كهربائية من آلاته كانت تصيب الرجال الجزائريين بالضعف وتصدمهم، وغيرها من الحيل.

ونتيجة هذه الأساليب، صدم الجزائريين وشعروا أن الفرنسيين سيتغلبون عليهم لا محالة إذا كانت هذه هي قواهم وأساليبهم، وشعروا أنهم لن يستطيعون الصمود، فبدأت قواهم تضعف وثقتهم في النصر تتراجع، وهو ما ساعد الفرنسيين على التوغل في الأراضي الجزائرية بعدما شاع أمر هوديني، وهو ما كان سببا في احتلال الأراضي الجزائرية من قبل الفرنسيين قرابة مائة عام متواصلة، وذلك كله بسبب حيل سحرية كاذبة.