البدايات دائما مليئة بالقصص الغريبة، فكل فكرة في بدايتها تلاقي رفضا شديدا، خاصة الأفكار التي تسعى إلى إحداث تغيير في المجتمع.
ومن أمثل ذلك، حملة الدفاع عن حقوق المرأة والمطالبة بمساواتها بالرجال، وهي الحقوق التي لم تقدم لها على طبق من ذهب بين ليلة وضحاها، بل واجهت المرأة في سبيل اقتناص حقوقها هجوما كبيرا وتحديات عديدة.
ومن أغرب المواقف التي تعرض لها المطالبون بحقوق المراة، في بدايات القرن الماضي، هو تنظيم حملة دعاية شرسة من قبل مجموعة من الرجال لمناهضة تلك الحقوق، وبالغوا في حملتهم، ليس بالادعاء بأن المرأة ليس لها حقوق لكي تطالب بها كما كان شائعا، بل تمادوا وزعموا أن حصول المرأة على تلك الحقوق سيشكل خطرا على العالم، واتبعوا في ذلك نهجا للتخويف والترهيب من هذه الأفكار!
ولتكتمل الحرب النفسية والدعائية تم إنتاج بطاقات دعائية تحمل صور تعبيرية خطيرة المحتوى، كانت تهدف للتهديد من خطر المساواة بين الرجل والمرأة وحصول المرأة على حق الاقتراع والخروج للعمل وحق التملك وإبداء الرأي.
وتمكنت أستاذة علم المرأة والدراسات الجندرية في جامعة أيوا الأمريكية، “كاثرين هيلين بالزوسكي”، من جمع تلك البطاقات أثناء بحث لها استمر 15 عاما قضتهم في جمع وتوثيق كل ما يتعلق بقضايا المرأة في القرن العشرين.
صورت هذه البطاقات فكرة التغيير باعتبارها شيئا يجب التصدي له ومواجهته ومنع حدوثه بأي ثمن، واعتبرت أن حصول المرأة على تلك الحقوق التي تطالب بها سيخصم بشكل تلقائي من حقوق الرجل، وزعمت أن حقوق المرأة ستشكل خطرا على قيم المجتمع.
فصورت بعض البطاقات النساء وهن يقمن بضرب الرجال وقهرهن، كما تضمنت بطاقات أخرى قلبا للشكل الراسخ للحياة الأسرية في ذلك الوقت، حيث تضمنت رسوما تصور الرجال يرضعون أطفالهم وينظفون المنزل في حين تجلس النساء لتدخين السجائر.
كما تضمنت إحدى البطاقات صورة لفتيات صغيرات وقد ألقين الدمى والألعاب وارتدين البنطلونات، وكأنها رسالة تحذيرية بأن الأنوثة والأمومة ستختفي.
وتكشف هذه البطاقات شكل الحرب الشرسة التي خاضتها المرأة طوال سنوات عدة في سبيل الحصول على حقوقها التي باتت في يومنا هذا من المسلمات، بعدما قطعت طريقا شاقا حتى وصلت في النهاية إلى مبتغاها.