نشر موقع قناة “العربية” السعودية على الإنترنت، تقريرا قبل يومين بعنوان “بالصور.. من هنا سار النبي موسى وقومه هربا من فرعون”، وهو الموضوع الذي تلقفته كثير من المواقع المصرية وأعادت نشره دون تدقيق ودون الالتفات إلى ما فيه من مغالطات تاريخية كبيرة.
فقد زعم تقرير “العربية”، أن المكان الذي شهد انشقاق البحر لموسى عليه السلام أثناء هروبه وقومه من فرعون مصر، كان في خليج العقبة، وأن موسى دخل بقومه إلى تبوك السعودية وبالتحديد إلى محافظة البدع.
ونشر التقرير مجموعة صور لمنطقة تسمى “وادي مضرب عصى موسى” تقع في مواجهة البحر الأحمر بتبوك، وهي ممر ضيق يخترق الجبار يبدأ من أمام البحر مباشرة، كاشفة أن المكان مفتوح الآن للزيارة حيث يتم الترويج له على أنه مكان عبور موسى وقومه بعدما أعدته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني السعودية ومهدت المرور فيه عبر ممرات خشبية معلقة.
مغالطات تاريخية
وسقط تقرير قناة “العربية” في عدة مغالطات تاريخية، حيث خلط التقرير بشكل واضح بين خروج موسى الأول من مصر، بعد واقعة قتله لأحد المصريين حيث هرب إلى مدين، وبين هروبه الثاني مع قومه وخروجهم إلى أرض كنعان (فلسطين حاليا) حيث شهدت عملية الهروب الأخيرة واقعة انشقاق البحر حيث تمكنوا من الفرار من فرعون مصر الذي كان يطاردهم بجيوشه.
أما أهم مغالطة تاريخية وردت في التقرير، هي القول بأن مكان انشقاق البحر كان في خليج العقبة، حيث اتفق علماء التاريخ والأديان على أن مكان الانشقاق كان في خليج السويس، وهو الأقرب للمنطق والعقل، حيث أنه في طريقهم إلى أرض فلسطين، أما الادعاء بأنهم توجهوا إلى العقبة فهو أمر غير منطقي بالمرة، حيث أن المنطقة المزعومة تقع جنوب شرق شبه جزيرة سيناء، ولا يوجد أي مبرر يوضح لماذا قد يتوجه موسى وقومه إلى جنوب سيناء حتى يصلوا إلى مكان هو موجود في الأصل بالقرب من شمالها؟!
ويرجح الدكتور رشدي البدراوي في كتابه “قصص الأنبياء والتاريخ”، أن مكان انشقاق البحر كان في البحيرات المرة وهي الامتداد الطبيعي لخليج السويس، وبالتحديد في المنطقة الواصلة بين البحيرتين الكبرى والصغرى، وهو الموضع الذي غرق فيه فرعون وجنوده، وبالتالي فإن قول العربية أن الانشقاق كان في خليج العقبة، يوحي وكأن البحر انشق مرتين، مرة في طريق مروره بخليج السويس ومرة في مروره بخليج العقبة وهو أبعد ما يكون عن الحقيقة.
كما أن التقرير يزعم أن مضرب عصى موسى كان في قلب الجبل، وهو يخالف النص القرآني الذي يقول [فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} فعبر موسى وقومه وعاد البحر إلى طبيعته، ولم تذكر الآية أي شيء عن انشقاق في الجبل أو أي تغيرات جيولوجية في اليابسة.