تشارلي شابلن الضاحك الباكي الذي أضحك العالم أجمع وهو يحمل بداخله معاناة كبيرة.

فلم تكن حياة شابلن سعيدة ومريحة وميلئة بالمرح كما كان يتوقع البعض عند رؤية أعماله الفنية، ولكنها كانت مليئة بالمآسي، مآسي لم تنته بوفاته!

فقد كانت بداياته صعبة للغاية حيث تربى مع والدته بعدما تركهم والده وهرب بسبب كثرة الديون والإدمان، وعندما ماتت والدته أصبح مشرد يتصارع على الطعام مع المشردين في الشوارع وينام في الطرقات.

وحتى عندما احترف التمثيل وبدأت أفلامه تلقى ترحابا واسعا في عشرينيات القرن الماضي، كانت المشاكل بانتظاره، حيث اتهمته فتاة بأنه أنكر أبوته لطفلها، وعندما توجهت بقضيتها للمحكمة طلب القاضي إجراء فحص للدم ليتأكد إن كان الطفل ابن شابلن أم لا.

وبعد ظهور نتيجة فحص الدم تأكد أن الطفل ليس لشابلن، ولكن المحكمة قضت بأن الطفل له، وألزمته بدفع نفقة الطفل، ودفع مبلغ كبير جداً كتعويض وقتها كما ظل يدفع نفقة الطفل حتى بعد موته.

إلا أن أغرب ما تعرض له تشارلي شابلن من مآسي لم يكن في حياته، بل بعد وفاته! وبالتحديد بعد مراسم دفنه بشهرين.

ففي يوم 2 مارس 1978، تلقت زوجته أونا أونيل اتصالا هاتفيا من الشرطة السوسرية، تخبرها فيه بخبر مفجع لم تكن تتوقع على الإطلاق، فقد قال الضابط لها بكل هدوء، إن لصوصا نبشوا قبر زوجها، ويبدو أن الجثمان اختفى!

الزوجة الحائرة لم تجد شيئا لتفعله في ذلك الوقت، فقد وعدتها الشرطة أنها تسعى حثيثا للعثور على الجثمان وضبط اللصوص، فجلست تفكر فيما كان سيفعله تشارلي لو كان مكانها الآن، وردت على نفسها قائلة “لو أن تشارلي علم بأن جثمانه سيسرق بعد وفاته، لكان وجده أمرا مثيرا للسخرية يصلح لفيلم صامت قصير”.

بعد أيام معدودة، تلقت الزوجة اتصالا آخر ولكن هذه المرة كان المتصل هم اللصان اللذان سطو على الجثمان، حيث طلبا منها فدية قدرها مليون فرانك سويسري (ما يعادل 600 ألف دولار) مقابل إعادة الجثمان، وهددا الزوجة باختطاف أطفالها إن هي أخبرت الشرطة، دون أن يعلما أن الشرطة كانت على علم بالواقعة قبل اتصالهما.

وبهدف ضبط الجناة، قامت الشرطة بعمليات بحث موسعة، واستخدمت الهاتف الخاص بزوجة تشابلن للإيقاع بالمجرمين، وظلت المفاوضات لدفع المبلغ بين الطرفين قرابة شهرين متواصلين، وبعد تتبع ما يزيد على 200 هاتف في المنطقة، استطاعت الشرطة الوصول إلى الجناة، وهم اثنين يعملان في الميكانيكا، أحدهما بولندي والآخر بلجيكي، وصلا إلى سويسرا بوصفهما لاجئين سياسيين في وقت سابق.

وبعد القبض عليهما قادا الشرطة إلى مكان الجثمان، حيث قاما بدفنه في حقل للذرة بشكل مؤقت لحين إعادته، بعدها تم تقديمهما للمحاكمة، حيث حكم على أحدهما ويدعى “أرداس” بـ4 سنوات سجن بعدما اعتبرته المحكمة العقل المدبر للجريمة واتهمته بالسرقة ومحاولة الابتزاز، فيما حكم على الآخر ويدعى “جانيف” بالسجن 18 شهرا مع وقف التنفيذ.

اللافت أن الجانيين ندما على فعلتهما بشدة، وأرسلا إلى زوجة تشابلن خطابات اعتذار بعد أشهر من الواقعة، وكانت المفاجأة أن الزوجة ردت عليهم بقولها إن “كل شيء يغفر”.

وبهدف منع تكرار هذه الحادثة، قامت الشرطة بإعادة الجثمان إلى مقبرته الأصلية بعدما قامت بتعميقها ثم صبت فوق التابوت كتل خرسانية حتى لا يتمكن أي شخص من فتح المقبرة مرة أخرى.