لازالت طريقة بناء الهرم الأكبر في جيزة، تثير حيرة العلماء، وبالرغم من وضع الكثير من النظريات حول عملية البناء، إلا أن أي منها لم يستطع أن يحظى بإجماع العلماء ولا حتى إقناع المهتمين بالآثار المصرية.

وكان من بين أحدث النظريات التي وضعت حول عملية بناء الهرم، النظرية التي أطلق عليها قبل أعوام اسم “الأحجار الخرسانية” أو “الطين المحترق”، والتي وضعها كيميائي فرنسي يدعى “جوزيف دافيدوفيتس”.

وقد أثارت تلك النظرية جدلا ضخما في الأوساط العلمية وردود أفعال متباينة لأقصى درجة، فقد استطاعت أن تجذب الكثير من المؤيدين خاصة في الوطن العربي الذين ربطوا بينها وبين آية قرآنية تتحدث عن أحد الفراعنة، بينما هاجم آخرون النظرية واتهموا “دافيدوفيتس” بأنه دجال يسعى للشهرة.

فما هي قصة نظرية “الأحجار الخرسانية”؟

كانت بداية العالم الفرنسي “دافيدوفيتس” بعيدة تماما عن المصريات، فقد كان يهتم بفرع جديد في العلوم يطلق عليه “الجيوبوليمر”، وهو علم يبحث في المواد التي يمكن الحصول عليها بطرق صناعية كيميائية مماثلة لتلك التي تحدث في الطبيعة ولكنها قد تستغرق ملايين السنين، مثل القيام بصناعة صخور “بركانية” عبر التفاعلات الكيميائية مطابقة لتلك الصخور التي يمكن العثور عليها في الطبيعة والتي يستغرق تكوينها ملايين السنين.

وبدأ “دافيدوفيتس” إنتاج أحجار مثل الأحجار الجيرية والرملية والجرانيت وكلها عن طريق التفاعلات الكيميائية، ولكي يوضح مدى التشابه بين الأحجار المصنعة والأحجار الأصلية، كان يقوم بنحت الأحجار المصنعة وكأنها تماثيل فرعونية قديمة، ومن هنا بدأت قصته مع الأهرامات.

فقد وضع “دافيدوفيتس” تساؤلا: لماذا لا يكون المصريين القدماء قد استعملوا تقنية مشابهة لعلم “الجيوبوليمر” في صناعة أحجار الأهرامات؟

ولكي يجاوب على هذا السؤال، وضع “دافيدوفيتس” نظريته الجديد، والتي يفترض فيها أن أحجار الأهرام لم تقتطع كقطعة واحدة لكنها كانت عبارة عن مسحوق مكون من الجير وصوديوم الكاربونيت ومواد أخرى أشبه بخليط الخسرانة الذي نستعمله حاليا في عملية البناء، ثم تم صب هذا الخليط في قوالب خشبية أنتجت في النهاية الأحجار التي نراها حاليا.

وقد قدم “دافيدوفيتس” لنظريته 4 إثباتات، إثبات علمي، وإثبات تجريبي، وإثبات ثالث ديني بناء على العقيدة المصرية القديمة، وإثبات رابع مستوحى من النصوص الهيروغليفية.

كما اكتشف “دافيدوفيتس” فقعات هوائية وألياف داخل أحجار الهرم الأصلية بعد تحليلها، وهي علامات لم يكن من المفترض أن تظهر إلا في حالة اختلاط مجموعة من المواد الصناعية، حيث لا تتضمن الأحجار الطبيعية هذه العلامات.

وبعد عدة تجارب، استطاع العالم الفرنسي صنع أحجار مماثلة لحجارة الأهرام قام بتركيبها كيميائيا، وأرسل عينات منها إلى عدة مختبرات، والتي ردت عليه بأن الأحجار المرسلة هي أحجار طبيعية تماما غير صناعية.

وإمعانا في إثبات نظريته، قام “دافيدوفيتس” ببناء هرما صغيرا يزن 15 طنا من عدة أحجار، كل حجر يزن ما يقرب من 2 طن، ووثق تجربته بالصوت والصورة.

ويقول “دافيدوفيتس” إنه بناء على تلك النظرية يمكن بناء الهرم الأكبر بعدد ألفي شخص خلال 20 عاما، وهو أقل كثيرا من الرقم الذي يتبناه العلماء رسميا وهو 100 ألف شخص.

وبالرغم من كل ذلك، إلا أن نظرية الأحجار الخرسانية لم تحظ بالقبول لدى المدرسة الأثرية المصرية، وعلى رأسها الدكتور زاهي حواس، حيث الكتفى حواس في تصريح صحفي سابق بالقول إن الفكرة القائلة بأن حجارة الأهرام هي خرسانية مصنعة، هي فكرة مستحيلة وغير مثبتة تماما.

يذكر أن بعض المؤيدين لنظرية “دافيدوفيتس”، قالوا إنها تؤكد ما جاء في القرآن الكريم في سورة القصص [فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا]، مشيرين إلى أن حجارة الأهرامات ما هي إلا طين مختلط به بعض المواد الأخرى وتم تسخينه لينتج هذا الشكل والسمك!

المصدر: مدونة (iramofpillars.com)