لم يكد العالم ينتهي من تأثير لعبة “بوكيمون جو” الشهيرة وتسببها في وفاة البعض نتيجة الإدمان عليها، حتى ظهرت لعبة جديدة لا تقل خطورة عن الأولى، هي “الحوت الأزرق” التي تدفع من يلعبونها نحو الهلاك، ولكن هذه المرة المستهدفون هم الأطفال والمراهقون نظرًا لهشاشة وضعهم النفسي.
ولا تزال الوفيات الناتجة من لعبة “الحوت الأزرق” الإلكترونية في تزايد مستمر، لاسيما بالجزائر وتونس، رغم الحملات التوعوية التي أطلقتها وسائل الإعلام في مختلف دول العالم للتصدي لهذه اللعبة القاتلة.
وحصدت لعبة “الحوت الأزرق” عشرات الأرواح من أطفال الجزائر وتونس حتى الآن، فيما نجا آخرون بأعجوبة، ما خلف حالة هلع حقيقية في أوساط الأسر، وسط تساؤلات عن كيفية الوقاية من هذه اللعبة الخطيرة.
السيطرة على العقول
و”الحوت الأزرق” لعبة افتراضية، اخترعها روسي يدعى “فيليب بودكين” في 2013، تقوم على أساس استدراج الأطفال والمراهقين وتوجيه أوامر لهم تنتهي بالانتحار شنقًا أو إلقاء أنفسهم من أماكن عالية.
وتتألف اللعبة من خمسين مهمة أو تحديا يضعها “قيّم” أمام اللاعبين، ويتوجب عليهم إتمامها خلال خمسين يوما، ومكمن الخطر والفزع هنا هو التحدي الأخير الذي يطلب من اللاعب إنهاء حياته بالانتحار.
وإذا حاولت البحث عن اللعبة على الإنترنت فإنك على الأرجح لن تعثر عليها، وذلك لأن القائمين عليها يتحكمون بشدة في من يمكنه الوصول إليها، ويحددون ضحاياهم ويرسلون إليهم رابطا، وبمجرد فتحه على هاتف الضحية يقوم بنسخ كامل البيانات من جهازه إليهم.
وظهرت اللعبة أول مرة في روسيا عام 2013، ومطورها معتقل ومحكوم عليه بالسجن ثلاث سنوات بتهمة البحث عن مراهقين على الإنترنت وحثهم على قبول التحدي الذي ينتهي بانتحار المشارك فيه.
غموض وحيرة
ولا يزال من غير الواضح كيف ينضم المشاركون إلى اللعبة، لكن بشكل عام يُعتقد أن القائم عليها يتواصل مع المراهقين بعد مشاهدة تعليقاتهم على فيسبوك أو يوتيوب أو إنستجرام أو “صراحة” وغيرها من التطبيقات.
وقد شبه مسؤولون دوليون الخطر المترتب عن هذه اللعبة بخطر الانضمام إلى جماعات متطرفة. وكلهم أجمعوا أن الظاهرة بمثابة حملة واسعة النطاق وليست حالات فردية لكن المشكلة هي في عدم معرفة من يقف وراءها.
ويمر أغلب المراهقين بصراع داخلي، ويواجهون أسئلة على شاكلة: “من أنا؟” و”هل يحبني الناس؟” و”هل يجدني أصدقائي جيدا بما فيه الكفاية؟” و”هل أنا وحيد؟”، لذلك فهم يعتبرون أفضل هدف لمثل هذه الألعاب التي تستغل المراهقين الساعين لنيل القبول والاعتراف والاهتمام بهم من قبل أقرانهم.
سُبل الحماية
1- اللعبة لا يمكن حجبها لأنها ليست تطبيقا يمكن تحميله من الإنترنت أو متجر تطبيقات الهاتف الذكي، حيث يُعتقد أن لعبة الحوت الأزرق يتم نقلها من خلال الاتصال المباشر بين الأجهزة والهواتف، باستخدام وصلات اتصال مشفرة وسرية، ويصعب بالتالي تحديد واعتراض وتحليل المحتويات، وما يزيد خطورتها أنه يمكن ممارستها بسهولة دون أي رقيب، ولذلك يتوجب على الآباء الحديث باستمرار مع أبنائهم والاهتمام بأنشطتهم ومنحهم مساحة كافية للتعبير عن مشاعرهم دون إهمالهم، ومحاولة معرفة السبب وراء أي سلوك أو نشاط غير طبيعي لديهم.
2- علامات “الحوت الأزرق” تكون واضحة، مثل الجروح على اليد أو الصدر أو الاستيقاظ عند الساعة 4:20 صباحا، وغير ذلك من الأمور الغريبة التي تطرأ فجأة على الأطفال.
3- بالإضافة إلى ما سبق يجب توعية الأطفال بمخاطر الإنترنت والأجهزة الذكية، وجعل تثقيفهم بفوائدها ومضار استخدامها مسألة مهمة، وتجنب الحزم الشديد معهم لأنه قد يدفعهم إلى سلوك عكسي.