اهتمت وسائل اللبنانية بالحديث عن دير “الفرنسيسكان” بمدينة طرابلس خلال الفترة الماضية وإبراز قيمته التاريخية والروحية بمناسبة الاحتفال بمرور 800 عام على وجود الفرنسيسكان بطرابلس.
ويقع الدير بالقرب من ميدان “جروبي” في ميناء طرابلس، وبالرغم من طرازه المعماري الفريد، إلا أن ذلك ليس فقط ما يميزه ويجعله مختلفا عن كافة الأديرة المماثلة له في لبنان، بل إن أكثر ما يثير الدهشة في هذا الدير أن القائمين عليه وعلى شؤونه وإدارته مسلمون سنة! وهو ما ساهم في كسر نمطية اللون الواحد للهوية الدينية داخل البلد العربي، وهو ما جعله قبلة للمسلمين والمسيحين معا.
وتعود عمارة الدير الذي تأسس سنة 1858 ميلاديًا، إلى ما يقرب المئتي عام، وهي حجرية التراث، في داخله كنيسة تجعل اللمسات الروحية السمة الأبرز عليه رغم قربه إلى الشكل المدرسي.
وفي طابق علوي من الدير، يوجد عشر غرف جعلته أقرب إلى “الفندق”، حيث يستقبل النزلاء من مختلف المناطف اللبنانية والبلدان، ففي بعض الأحيان يقدم إليه الأجانب أيضًا.
وبعض النزلاء يأتي إلى الدير بصفة فردية وغرض السياحة في طرابلس، وبعضهم الآخر يأتي بغية العمل مع المؤسسات الدولية كالصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية التي تعني باللاجئين.
والنشاطات المتنوعة لدير الفرنسيسكان جعلته مزيجًا يجمع بين البعد الديني والثقافي والاجتماعي والترفيهي معًا، يتوافد إلى ملاعبه محبو كرة القدم والسلة ولاعبو الجيدو.
وينظم الدير بين وقت وآخر صفوفًا لتعلم الفنون للمسلمين والمسيحيين، كرقص الباليه والغناء، ولديه أيضًا فرقة كشافة تضم شبابًا من مختلف الأديان.
والفرنسيسكان هم مجموعة من الرهبان يتعبون الرهبنة الفرنسيسكانية التابعة للكنيسة الكاثوليكية والتي تأسست على يد القديس فرنسيس الأسيزي في شمال إيطاليا في القرن الثالث عشر الميلادي.
ووصل بعض الرهبان الفرنسيسكان إلى طرابلس قبل 800 عام لنشر الدعوة المسيحية ومبادئ الرهبنة الخاصة بهم والتي تتألف من ثلاث فروع هي الرهبة الرجالية، والرهبنة النسائية، وما يعرف بالرهبنة الثالثة التي ينضم إليها المدنيون الذين يبقون في العالم الخارجي لا في الدير ويحق لهم الزواج وإنما يلتزمون بفروض وصلوات الرهبنة وتأملاتها.