قد يكون فقدان العمل أمرًا سيئا للغاية، ولكن في بعض الأحيان قد يكون ترك العمل هو الخطوة الأولى نحو تحقيق النجاح والثراء.

وبفضل الطرد من العمل، تمكنت الكاتبة “بيتي كلير ماكموري” التي كانت تعمل في مجال الآلات الكاتبة، من أن تصبح مليونيرة وتحصل على براءة اختراع باستخدام أدوات ومواد بسيطة في مطبخها.

وتعود تفاصيل اختراع “بيتي” لفترة الحرب العالمية الثانية، حيث كانت سيدة مطلقة تعول طفلها الوحيد، واضطرت إلى البحث عن عمل، فتعلمت الكتابة على الآلة الكاتبة وعملت كسكرتيرة في مصرف “تكساس تراس”.

وفي ذلك الوقت سهلت الآلات الكاتبة في البلاد عملية الكتابة والطباعة ولكنها ولدت مشكلة كبيرة جدًا، فالخطأ الذي يرتكبه الناسخ يجبره على إعادة كتابة الصفحة كاملة من جديد، وهو ما وضع أمام “بيتي” عاقًا كبيرًا في قضاء وقت أكبر مع طفلها نتيجة ضياع الوقت في إعادة النسخ نتيجة أخطاءها رغم سرعتها في الكتابة.

وفي أحد أيام صيف عام 1951، تذكرت “بيتي” هوايتها في الرسم والتلوين، وهداها تفكيرها إلى حقيقة أن الرسامين لا يمسحون أخطاءهم أو يعيدون أعمالهم بل يرسمون عليها، فعادت إلى مطبخها، وهناك قامت بخلط بعض المياه الساخنة مع طلاء بلون مناسب للورق، ووضعت كل ذلك في زجاجة، وأخذت فرشاة الألوان المائية الدقيقة معها إلى المكتب، وبدأت في استخدام هذا الخليط في تصحيح الأخطاء.

ومر وقت طويل، دون أن يلحظ مديرها ذلك، وتدريجيا عرفت كل سكرتيرات المبنى الذى كانت تعمل فيه ذلك الخليط، وبدأن في استخدامه، وقدمته لهن مجانا لفترة طويلة في زجاجات خضراء، وكتبت عليها “مزيل الأخطاء”، وهو ما يطلق عليه الآن “الكوريكتور”.

وتحول مطبخ “بيتي” إلى مختبر لخلط وتحسين المنتج، فجربت تغيير نسبة المكونات، ودرجة حرارة الماء، وزمن الخلط، ونوع الطلاء، واستشارت معلم الكيمياء الذى كان يدرس لابنها، حتى نجحت في الوصول إلى المزيج المثالي، وفي عام 1958، حصلت على براءة اختراع وعلامة تجارية لما أسمته “الورق السائل”.

وفى يوم من أيام عام 1958، اكتشف مديرها خطأ لم تنجح في إصلاحه، فطردها من العمل، وربما كان ذلك من حسن حظها، فأخيرًا أصبح لديها ما يكفى من الوقت للاهتمام بشركتها، التي بدأت تنمو، فكبرت الشركة بما يكفى للانتقال إلى مقر خاص في “دالاس”، واشتمل المقر الجديد على مصنع يعمل بالأجهزة الأوتوماتيكية، وتم توظيف 19 عاملا، وبناء على طلبها، ألحق بالمبنى مكتبة ومركزا لرعاية الأطفال، وبلغ رأسمال الشركة آنذاك مليون دولار، وباعت في عام 1968 مليون زجاجة من الورق السائل.

وازدهرت شركة “بيتي” وكونت ثروة كبيرة جدًا، حتى أنه بحلول عام 1975، كان المنتج يباع في 30 دولة حول العالم، وزاد انتاجها ليصل إلى 500 زجاجة في الدقيقة، وفى العام التالي، أنتجت الشركة 500 مليون عبوة، وأنفقت مليون دولار على الإعلانات وحدها، وبلغ صافى أرباحها لعام 1976 مبلغ 1.5 مليون دولار.