“البُهرة”، هم إحدى طوائف الشيعة، ولهم تواجد محدود في مصر، إلا أنهم يأتون لزيارتها من جنوب شرق آسيا في أوقات محددة سنويا، وهي زيارات أشبه ما تكون بالحج، تستهدف بعض الأماكن التي يعتقدون في تقديسها.

وتقول بعض المصادر، أن “البهرة” أنفقوا ما يقرب من مائة مليون دولار خلال العقود الأخيرة، في عمليات الترميم وشراء العقارات في مصر، وأنهم قاموا بتجديد وإعادة ترميم الكثير من المباني والمزارات في القاهرة الفاطمية.

وتذكر المصادر أنهم دفعوا في أول الأمر نحو 300 مليون جنيه لتجديد مسجد الحاكم بأمر الله ومعه شارع باب الفتوح في الجمالية، كما يدفعون في كل زيارة سنوية لهم ما ملايين الجنيهات على أن تذهب هذه الأموال إلى خزانة الدولة من خلال وزارات السياحة والآثار والأوقاف في شكل دعم حتى يحصلوا على موافقات بدخول مقامات آل البيت وتوفير الحماية اللازمة لهم أثناء الزيارات.

وبالرغم من وجود كثير من أضرحة آل البيت في مصر، التي يتشارك فيها المصريون والبهرة الاعتقاد بقدسيتها ويحرصون على زيارتها، إلا أن هناك مجموعة مزارات تخص طائفة البهرة وحدهم، يأتون إلى زيارتها في أوقات محددة كل عام لارتباطها إما بشخصيات أو أحداث تتعلق بصلب عقيدتهم.

وفيما يلي استعراض لأهم 6 مزارات في مصر يأتي البهرة للحج إليها سنويا وزيارتها، ومصدرنا في ذلك كتاب “الطوائف الأجنبية في مصر.. البهرة نموذجا”، للدكتورة سعاد عثمان.

جامع الحاكم بأمر الله

يعد أهم المزارات التي يحرص البهرة على زيارتها بأعداد كبيرة، ويمكن أن نقول أنهم يحجون إليه.

أنشأ الجامع الخليفة الفاطمي العزيز بالله عام 380هـ، إلا أنه نسب إلى نجله الحاكم بأمر الله لأنه هو الذي أتم بناءه، وفي ثمانينات القرن الماضي تم تجديد الجامع على يد طائفة البهرة بموافقة من الرئيس الراحل أنور السادات، حيث كان المسجد حينها مهملا ويستخدم كمخازن للتجار، وقد أنفق البهرة على تجديده ملايين الجنيهات.

ويضم المسجد حاليا غرفا لمبيت البهرة غير المقيمين في مصر، وإذا دخل البهرة المسجد، فإن أول شيء يقومون به هو الالتفاف حول بئر المياه الموجود في منتصف صحن الجامع، حيث يتباركون بتلك المياه من خلال شربها والاغتسال بها.

وعادة ما يكون المسجد هو مكان اجتماع البهرة الرئيسي إذا ما جاء رئيس الطافة إلى مصر للاحتفال، كما أنهم يعتقدون أن الحاكم بأمر الله مختفي في سرداب أسفل البئر وسوف يخرج يوما ما، ويخضع المسجد حاليا لإشراف وزارتي الآثار والأوقاف.

جامع الأقمر

يقع بشارع المعز لدين الله الفاطمي بالقاهرة، ويعد أحد أهم مزارات البهرة في مصر بعد جامع الحاكم، كما أنهم كثيرا ما ينقلون احتفالاتهم إلى هذا الجامع إذا منعوا من إقامتها في جامع الحاكم لأسباب أمنية.

بناه الوزير المأمون بن البطائحي بأمر من الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله عام 519 هجريا، وقامت طائفة البهرة بتجديد الجامع في الثمانينات بالتزامن مع عملية ترميم جامع الحاكم.

وترجع أهمية الجامع لطائفة البهرة إلى أن بانيه هو الخليفة الآمر والد الخليفة الطيبي المستتر الذي تنتمي إليه طائفة البهرة.

مزار اللؤلؤة

هو واحد من المزارات الهامة للبهرة التي لا يسمح بدخولها إلا لهم فقط، ولا يدخلها المصريون إلا بعد الحصول على تصريح رسمي من وزارة الآثار، ويقع هذا المسجد بمنطقة مقابلة لمنطقة عمر بن الفارض بسفح جبل المقطم.

وتشير مصادر تاريخية إلى أن الموضع الذي بني فيه مسجد اللؤلؤة اشتهر بإجابة الدعاء، وهو ما دفع الحاكم بأمر الله لبناء مسجد فيه سنة 406 هجريا، وهو يعد من مشاهد الرؤيا.

ويزور البهرة هذا المزار يوميا، خاصة يوم الجمعة، حيث يقومون بأداء الصلاة فيه دون رفع الآذان، فالمسجد بدون مئذنة، كما أن السلطات تمنع البهرة من رفع آذانهم لأنه يخالف الآذان المعروف بإضافة جملة “علي ولي الله”.

جامع الجيوشي

هو أحد المزارات الهامة لطائفة البهرة، ويقع بمنطقة جبل المقطم، ويسمح لهم بزيارته بعد الحصول على التصاريح اللازمة.

في الماضي كان يضم المسجد قبر أحد الشيوخ، ويقال أن اسمه كان الشيخ “الجيوشي”، إلا أن المسجد يخلو حاليا من أي قبور، والأقرب تاريخيا أن بانيه هو الوزير بدر الدين الجمالي أمير الجيوش في زمن الخليفة الفاطمي المستنصر.

وداخل المسجد يوجد غرفة صغيرة خالية من أي مقبرة أو مقام، معلق على أحد جدرانها لوحة بيضاء مكتوبة بالأبيض ومعلقة على ارتفاع نحو ثلاثة أمتار، ما يجعل من الصعب على الزائر قراءتها، ويعتقد البعض أن الشيخ الجيوشي دفن أسفل أرضية هذه الغرفة وهو ما يفسر اهتمام البهرة بدخول تلك الغرفة والبقاء بها لفترة كلما سمح لهم بزيارة المسجد.

مسجد الأشتر

هو من المزارات الخاصة بالبهرة وحدهم، ولا يزورها المصريون ولا توجد أي لافتات تؤكد إشراف أي من وزارتي الأوقاف أو الآثار عليه.

والمسجد يقع بمدينة الخانكة بمحافظة القليوبية، ويعتقد البهرة أن المكان يضم رفات مالك بن الحارس النخعي الشهير بـ”الأشتر”، وهو أحد المسلمين الذين شاركوا في معركة اليرموك وكان من أوائل من بايعوا علي بن أبي طالب، وشارك في معركتي الجمل وصفين في جانب علي، جاء إلى مصر في أواخر حياته وقتل فيها ودفن في هذا المزار.

ويضم المزار أيضا قبر شقيق سلطان البهرة في إحدى الغرف المغلقة، وقبر سيف الدولة، وهو هندي الجنسية كان من بين خدام المزار، ودفن فيه بعد وفاته قبل سنوات من الآن.

ولا يزور المكان المصريون على الإطلاق، بينما يقتصر زواره على البهرة الذين يأتون جماعات للصلاة والبكاء ثم يقومون بالذبح ويغادرون، وفي بعض الاحتفالات تصل أعداد الزوار إلى المئات، مثل حلقات التعزية في عاشوراء، حيث يبدأون احتفالاهم من قبيل الظهر إلى المغرب.

مزار (محمد الصغير)

بالرغم من أن المصريين لا يمنعنون من دخول هذا المسجد، إلا أنهم أصبحوا لا يقبلون على زيارته أو الاعتقاد فيه.

ويقع مسجد “محمد الصغير” في مصر القديمة بشارع باب الوداع، وهو مكان يقول البعض أنه مشهور بإجابة الدعاء فيه، وشهد المبنى عدة تجديدات على مر التاريخ بدءا من عهد السلطان الأشرف برسباي كما تم تجديده أثناء حكم العثمانيين لمصر، ويعد من المساجد المعلقة.

وحاليا لا يزور المكان إلا البهرة القادمين من الهند وباكستان، بالإضافة إلى آخرين يأتون من اليمن وبعض الدول الخليجية.

ويتجه البهرة عند زيارتهم للمزار إلى المقصورة، ويرفعون قماش الكسوة ويسجدون على الحجر، ويتركون أثناء ذلك بعض الأطعمة التي يجلبونها معهم في المكان حتى ينتهوا من أدعيتهم، ثم يحملون أطعمتهم التي يعتقدون أنها اكتسبت بذلك بركة الضريح.

والمقصود بمحمد الصغير، هو محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهو زوج السيدة عاتكة بنت زيد بن عمر بن نفيل العدوي القرشي، ودخل معها مصر، حيث يعتقد الكثيرون أنه قتل ودفن في هذا الموضع أثناء حروب الفتنة بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان.