أخيراً ستتحول رواية الكاتب الكولومبي الكبير جابريل جارسيا ماركيز “مئة عام من العزلة” إلى مسلسل من إنتاج “نيتفليكس”.
جاذبية الخبر الذي أعلن عنه في الأيام الماضية، أن الرواية لأول مرة ستتحول إلى عمل فني، وذلك بعد محاولة -ربما تكون غير شرعية- لتحويل الرواية إلى عمل ياباني في العام 1981، من إخراج سوجي تيراياما. حيث كان من المعروف أن ماركيز رفض تحويل هذه الرواية تحديداً إلى عمل فني لاقتناعه الكامل باستحالة تحويلها إلي فيلم.
الأمر الآخر الجذاب أن المسلسل سيكون من إنتاج منصة “نيتفليكس” بالتعاون مع ورثة المؤلف الكولومبي رودريجو وجونزالو جارسيا ماركيز، وباللغة الإسبانية، وسيتم تصويره بالكامل في كولومبيا.
كانت الرواية قد صدرت باللغة الإسبانية في العام 1967، وهي من أشهر أعمال المؤلف الحائز على جائزة نوبل في الثمانينات، وتقع أحداثها في بلدة “ماكوندو” الخيالية التي استوحاها ماركيز من مسقط رأسه في شمال كولومبيا.
هذا العمل تحديداً كان يرفض ماركيز تحويله إلى عمل فني، إلا أن المنصة العالمية ربما تكون قد أغرت ورثته للموافقة على تحويله، حيث قال الورثة في بيان لهما نشره موقع “فارايتي” إنه “مع تقدم مستوى الإنتاج خصوصاً في منصة “نيتفليكس” واتساع آليات وإمكانات التصوير لا مانع عندهما من تحويل الرواية إلى عمل درامي”.
وعلاقة ماركيز بالسينما علاقة وثيقة للغاية، حيث أنه شارك بالكتابة في عدد كبير من الأعمال، كما تم تحويل أكثر من عمل له إلى السينما، ويقول الناقد عصام زكريا في كتابه “جارسيا ماركيز والسينما” إن أول نص أدبي لماركيز تحول إلي فيلم سينمائي هو “عزيزتي ماريا” إخراج خايم همبرتو همبرسيلو، المكسيك، عام 1979، وهو مأخوذ عن إحدي قصصه القصيرة، وقام ماركيز بكتابة سيناريو الفيلم بنفسه.
تدور القصة حول علاقة الحب التي تجمع بين لص وساحرة، في عالم فانتازي ينتمي إلي الواقعية السحرية التي ميزت معظم أعماله. حقق الفيلم نجاحا محدودا ولم يخرج تقريبا عن حدود البلد الذي صنع فيه.
ويضيف زكريا أن الفيلم الثاني الذي صنع عن نص أدبي لماركيز هو “إيرنديرا” إخراج روي جويرا، المكسيك، عام 1983، والمأخوذ عن رواية قصيرة بعنوان “إيرنديرا البريئة”. الطريف أن ماركيز كتب القصة كسيناريو سينمائي أولا، قبل أن يعيد كتابتها كرواية. وقد فقد هذا السيناريو مما تطلب من ماركيز أن يحاول تذكره بالكامل أثناء جلسات العمل مع مخرج الفيلم. الفيلم لعبت بطولته الممثلة اليونانية الكبيرة إيرين باباز في دور الجدة القاسية التي تجبر حفيدتها علي امتهان الدعارة، بينما لعبت الممثلة البرازيلية كلاوديا أوهانا دور إيرنديرا البريئة.
وبعد حصول ماركيز علي جائزة نوبل واشتهاره عالميا قام المخرج الإيطالي الشهير فرانشيسكو روسي بتحويل روايته “سرد أحداث موت معلن” إلي فيلم كبير شارك في بطولته عدد من الممثلين الإيطاليين واللاتينيين المعروفين، منهم إيرين باباس وأورنيللا موتي وروبرت إيفرت وجيان ماريا فوفونتي وقام بدور البطل المقتول سانتياجو نصار الممثل أنطوني ديلون ابن النجم الفرنسي آلان ديلون، كما قام بكتابة السيناريو له الإيطالي تونينو جيراو الذي كتب من قبل لمخرجين بحجم فلليني وأنطونيوني وأنجلوبولوس وغيرهم.
في عدد من مجلة “باريس ريفيو” الصادر في شتاء 1981 يقول ماركيز نفسه “هناك أوقات فكرت فيها أن أصبح مخرجاً سينمائياً، درست السينما في روما، وشعرت بأن السينما وسيط بلا حدود، وكل شيء ممكن فيها، ذهبت إلى المكسيك لأنني أردت أن أعمل في صناعة الأفلام، ليس كمخرج، لكن ككاتب سيناريو، لكنني وجدت أن هناك عائقاً كبيراً في السينما، وهو أنها فن صناعي، صناعة كاملة، من الصعب أن تعبر في السينما عما تريد التعبير عنه فعلا، مع ذلك لا زلت أفكر فيها، كرفاهية يمكن أن أقوم بها مع الأصدقاء من دون أن أطمع في التعبير عن نفسي فعليا”.