“إيه اللي جاب القلعة جنب البحر؟” سؤال جاء على لسان شخصية البطل في فيلم “عوكل” للنجم المصري محمد سعد. الجملة قالها البطل لأنه استيقظ من نوم عميق ليجد نفسه في مدينة إسطنبول التركية بعد أن كان في العاصمة المصرية القاهرة.
وتشتهر إسطنبول بمساجد ذات قباب كبيرة، ومآذن نحيفة مرتفعة، تشبه إلى حد كبير مسجد محمد علي الموجود بقلعة صلاح الدين، وهو المسجد الذي يسميه البعض في مصر مسجد “القلعة”.
ولكن هناك في مصر قلاع إلى جانب البحار بالفعل، ومنها على سبيل المثال قلعة قايتباي الموجودة في مدينة الإسكندرية، وهي الموجودة في نهاية جزيرة فاروس بأقصى غرب المدينة الساحلية، وشيدت في مكان منارة الإسكندرية القديمة التي تهدمت سنة 702 هـ إثر الزلزال المدمر الذي حدث في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وقد بدأ السلطان الأشرف أبو النصر قايتباي بناء هذه القلعة في سنة 882 هـ وانتهى من بنائها سنة 884 هـ.
وتوجد قلاع أخرى بجانب البحار في مصر، منها واحدة في جزيرة فرعون بمدينة طابا التي تطل على البحر الأحمر، واسمها قلعة صلاح الدين التي بناها صلاح الدين في العام 567هـ لصد غارات الصليبيين وحماية طريق الحج المصرى عبر سيناء، وكان لها دور عظيم فى حماية سيناء من الغزو الصليبى حين حاصرها الأمير أرناط صاحب حصن الكرك، حيث كانت تحوى منشآت دفاعية من أسوار وأبراج وفرن لتصنيع الأسلحة وقاعة اجتماعات حربية وعناصر إعاشة من غرف الجنود وفرن للخبز ومخازن غلال وحمام بخار وخزانات مياه ومسجد أنشأه الأمير حسام الدين باجل بن حمدان.
القلعة تضم برجًا للحمام الزاجل يقع فى الجزء الشرقى من التحصين الشمالى، وعثر بداخله على بيوت الحمام “بنانى الحمام”، وبها بقايا حبوب من الشعير والفول وكذلك حجرات للجنود خلف السور الغربى للتحصين الشمالى، وهى أشبه بغرف إعاشة وحراسة لقربهم من الممر الموجود خلف شرفات القلعة المستخدم لمراقبة أى هجوم مفاجئ، وبهذه الحجرات حنيات صغيرة لوضع مسارج الزيت للإضاءة.
وبالقلعة خزان للمياه وصهريج، حيث يقع الخزان قرب السور الشرقى للتحصين وهو محفور فى الصخر ويعتمد على مياه الأمطار التى تتساقط عليه من خلال فتحات “خرزات” بالأقبية الطولية التى تغطى الخزان، وفى حالة ندرة الأمطار يملئ الخزان من بئر بوادى طابا وينقل الماء بالمراكب للقلعة، أما الصهريج فهو أصغر حجمًا ويقع مجاورًا لمنطقة حمام البخار والمطعم وفرن القلعة ومخازن الغلال.
والقلعة مصنفة فى الوقت الحالى كموقع تراث عالمى تابع لمنظمة اليونسكو، وهي كذلك شاهدة على حدود 4 دول، وهي مصر والسعودية والأردن وفلسطين.
أما القلعة الثالثة التي تعتبر إلى جانب البحار هي قلعة “ثارو” التاريخية شرق قناة السويس. هي لا تطل على البحر، ولكنها إلى جواره للغاية.
وقلعة “ثارو” كانت أكبر منظومة دفاعية مركزية في مصر القديمة، وهى تقع في منطقة آثار “حبوه” شرق قناة السويس، ومن خلالها تم الكشف عن قلاع طريق حورس الحربي القديم بين مصر وفلسطين من القنطرة شرق وحتى رفح المصرية وتحديد معالم المدينة خلال أعمال الحفر، وتأتى أهمية هذا الكشف فى إنه يفسر إستراتيجية الدفاع المصرية عن سيناء عبر العصور القديمة، وتوضيح صدق المصري القديم بخصوص النقوش العسكرية التي يحاكى بعضها الواقع.