“في مصر، لا ينام الرجال بجوار زوجاتهم” هكذا ذكر علماء الحملة الفرنسية في كتاب “وصف مصر”، وتحديداً في الجزء المسمى بـ”المصريون المحدثون” من ترجمة زهير الشايب.
ويرى علماء الحملة أن هذه العادة – عدم نوم الأزواج إلى جوار زوجاتهم – عامة عند كل الطبقات لا فرق فيها بين غني أو فقير، فالأغنياء يعيش كل فرد من الزوجين في حجرة مستقلة بذاته، ربما يجتمعان في أثناء النهار وعلى مائدة الطعام أو في الزيارات، لكن أثناء النوم فإن كل شخص يذهب إلى حجرته.
أما في البيوت الفقيرة فكان الزوجان “يختاران الركنين المتقابلين دائماً من حجرتهما”، والتي وصفها علماء الحملة بأنها تتكون من الخص، أو عبارة عن كوخ صغير، بحيث لا يجاوران بعضهما في الفراش.
الحجرة بشكل عام يوضع فيها الفراش في الوسط، وهو بالنسبة للرجل الميسور سجادة مبسوطة على ألواح خشبية، وتحيط بالسجادة أربع مخدات فخمة، اثنتان منها على اليمين واثنتان على اليسار، ويوضع أعلى ذلك غطاء ناموسية من الحرير، أما البيت الفقير فإن فراشهم عبارة عن حصيرة مصنوعة من سعف النخيل.
وينام الزوجان بكامل ملابسهما عادة، ويفسر علماء الحملة ذلك في موضع آخر فيقول “المصري خجول بطبعه”، ويضيف في موضع آخر “المصري خليط من العادات والتقاليد، تعود إلى أصول متنوعة، وتنتج عن أسباب كثيرة. فنحن نجد في المدن نفس عادات الشعوب الشرقية، ولقد كان هذا الاختلاف أمراً ضرورياً بسبب طبيعة التربة وتأثير الطقس. أما في الريف وفي الصحراوات، فالرجل هو رجل العصور الأولى ببساطة أذواقه”.
ومن كتاب “وصف مصر” أيضاً ربما نفسر هذا الأمر على أنه اقتداء بالمماليك الذين لم يأمنوا شخصاً، حتى أهلهم، حيث أنهم كانوا يخشون الخيانة بشكل كامل، وقبل إنهم لا يتحركون سوى بأسلحتهم، بل كانوا أيضاً ينامون إلى جوارها، وعلى هذا فإنه ربما هذه العادة مستوحاة من حياة المماليك اللذين كانوا يفضلون النوم إلى جوار الأسلحة عن النوم إلى جوار زوجاتهم.
الغريب أنه في 2015، خرجت دراسة من إحدى الكليات العلمية بجامعة فيينا في دولة النمسا, تؤكد أن نوم الرجل إلى جوار زوجته يتسبب في تدمير القدرات العقلية لدى الرجل والمرأة. ويرجع السبب العلمي – وفقاً للدراسة – إلى نقص عدد ساعات النوم لكليهما, ما يؤدي إلى تخريب القدرات العقليه والذهنية لديهما.
وزعم الباحث الرئيسي في الدراسة، جيرهارد كلوستش، أن مشاركة الفراش مع شخص آخر تؤثر بالسلب على جودة النوم، إن لم تؤد إلى تناقص عدد ساعاته، الباحث أخضع ثمانية أشخاص للمراقبة الكاملة، باستخدام أجهزة دقيقة ترصد بحساسية شديدة حركة الجسم وتثبت فى المعصم وتوفر قراءات دقيقة لقياس نسبة الراحة أثناء فترات النوم.
وأظهرت النتائج اختلاف قراءات الرجال عن النساء، وعلى الرغم من أن القياسات الدقيقة لمدى جودة النوم وعمقه لدى كل من الجنسين أظهرت أن الرجال والنساء يتعرضون لقدر من الإزعاج يؤثر على جودة النوم، إلا أن ذلك القلق لا يكون بنفس الدرجة على حد سواء لدى الزوجين، وأظهرت الدراسة أن المشاركة والأحاديث فى الفراش تفسد القدرات العقلية، ولو بشكل مؤقت.
هذه النتيجة أيدتها دراسة أخرى أجرتها جامعة ليدز البريطانية، ووجدت أن 29 في المئة من الناس يلومون شركائهم لعدم تمكنهم من النوم لفترة كافية طوال الليل، مع اختلاف الأسباب، كما أثبت البحث أيضا أن قلة النوم يمكن أن تزيد من خطر الاكتئاب وأمراض القلب والسكتة الدماغية ومشاكل تنفسية، وتتسبب أيضا في زيادة معدلات الطلاق و”السلوك الانتحاري.
وقالت خبيرة النوم نيرينا راملاخان “لا يستطيع ثلث البريطانيين الحصول على نوعية نوم جيدة، لأن هناك إزعاج من قبل شركائهم، فبالنسبة إلى كثير من الناس من الواضح أن النوم في غرف منفصلة جعلهم يتمتعون براحة أفضل ونوم أكثر”، وفقاً لما نُشر في “ديلي ميل”. وتضيف الدراسة “النساء على وجه التحديد أكثر عرضة لعلامات الشيخوخة، فالنساء اللاتي يحظين بنوم كاف، تضعف لديهن فرص لظهور علامات جوهرية تدل على الشيخوخة، مثل الخيوط الدقيقة ونقص المرونة والتصبغ”.