في 27 يوليو عام 1890 تعرض الفنان الهولندي الأشهر فنسنت فان جوخ لإطلاق نار أصاب معدته أثناء تواجده في منطقة ريفية بشمال فرنسا، ليموت بعدها بيومين.
وتختلف الروايات، حيث يظن الغالبية العظمى من المؤرخين أنه أطلق النار على نفسه في محاولة للانتـ ـحار، بينما يعتقد البعض أنه تعرض لإطلاق النار من قبل شخص مجهول لم يعرف حتى الآن.
المسدس من طراز 7 ملل كان قد عثر عليه بعد وفاة فان جوخ بـ75 عاما، في حقل بالقرب من النزل الذي يقيم فيه الفنان الهولندي، ويعتقد المحققون أنه السلاح الذي استخدم في إطلاق النار عليه، وتستعد دار مزادات “دروو” الباريسية، لعرض المسدس للبيع في يونيو المقبل وقد وضعت سعرا مبدئيا له بلغ 50 ألف جنيه استرليني، بحسب صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.
المحققون الجنائيون أثبتوا أن تاريخ المسدس يعود إلى عقد التسعينات من القرن التاسع عشر، ووصفوه بأنه المسدس الأشهر في تاريخ الفن، حيث كان يبلغ فان جوخ من العمر 37 عاما عندما لفظ أنفاسه الأخيرة، أي أنه كان ينتظره عمرا طويلا يرسم خلاله المزيد من اللوحات التي ألهمت الملايين حول العالم.
وفي بيان لها، قالت دار المزادات، إن هناك الكثير من الأدلة التي تثبت أنه المسدس الذي انتـ ـحر به فان جوخ، حيث عثر عليه بالقرب من المكان الذي تعرض فيه فان جوخ لإطلاق النار، كما أنه من عيار الرصاصة ذاتها التي استخرجها الأطباء من جسد فان جوخ في ذلك الوقت، فيما تشير أبحاث علمية أجريت على المسدس أنه ظل مدفونا في الأرض منذ حقبة تسعينيات القرن التاسع عشر، كما تشير إلى أن المسدس كان من نوع “محدود التأثير”، وهو ما قد يفسر لماذا لم تتسبب الرصاصة في وفاة فان جوخ في الحال!
الواقعة التراجيدية لوفاة فان جوخ لم يكن هناك شهود عليها، حيث وقعت في حقل مبتل أو حظيرة في قرية فرنسية تبعد 20 ميلا شمال باريس.
المسدس ذات الرصاصة الواحدة لم يحدث إصابة بالغة في جسد فان جووخ، حيث استطاع الفنان الهولندي بعد تعرضه للإصابة أن يعود إلى النزل الذي يقيم فيه وأن يدخن غليونه ويتبادل الحديث مع شقيقه ثيو فان جوخ، إلا أن الأطباء عجزوا عن استخراج الرصاصة من جسده بسهولة، وكانت آخر كلمات فان جوخ “الحزن سيدوم إلى الأبد”.
المسدس كان قد عثر عليه بواسطة مزارع في أحد الحقول التي أحب فان جوخ أن يرسم فيها لوحاته، وهي المكان ذاته الذي قضى فيه فان جوخ الشهور الأخيرة في حياته، حيث قام المزارع بتسليم المسدس إلى مالك النزل الذي كان يقيم فيه فان جوخ بالقرية، حيث تعتبر الأسرة المالكة للنزل حاليا هي المالك الوحيد للمسدس الذي ظل معروضا في متحف مقتنيات فان جوخ بأمستردام حتى عام 2016، قبل أن يعرض للبيع في مزاد علني.
وتظل واقعة وفاة فان جوخ من الوقائع المحيرة في تاريخ الفن، حيث يعتقد البعض أنه أقدم على الانتـ ـحار بينما يصر آخرون أنه تعرض للقـ ـتل من قبل شخص مجهول، ويستند الطرفان في آرائهما إلى مجموعة من الرسائل المتضاربة المكتوبة بخط يد فان جوخ، حيث يقول في أحدها قبل وفاته مباشرة “أنا بصحة جيدة، أعمل بجد وأرسم أربع تجارب ولوحتين”، ولكن بعد ذلك كتب رسالة أخرى قال فيها “أشعر أنني فشلت وأن الأفق يزداد ظلاما، لا أرى أي مستقبل سعيد على الإطلاق”.
ويقول أحد ورثة الفندق الذي كان يقيم فيه فان جوخ، أن الفنان الهولندي عاد إلى النزل في حوالي التاسعة مساء وهو ممسكا ببطنه حيث سأله جده -مالك الفندق- في ذلك الوقت عما حدث له؟ فأخبره أنه حاول الانتحار.
فيما شكك اثنان من المؤلفين الحائزين على جائزة “بوليتزر”، في فكرة انتـ ـحار فان جوخ، وخلصوا إلى أن الفنان الهولندي تعرض لإطلاق نار من قبل اثنين من المراهقين.
لاحقا تم دفن فان جوخ في أوفيرس سور وايز، إلى جانب شقيقه المخلص ثيو.
ويقول مارتن بيلي المتخصص في أعمال فان جوخ، أن المسدس من المرجح جدا أن يكون عائدا إلى فان جوخ، ولكنه لا يستطيع تأكيد ذلك بشكل قاطع، متمنيا أن يتم شراء المسدس من قبل شخص مسؤول وألا يتم عرضه كأثر مرعب.