تشتهر الجزر عادة بمناظرها الخلابة، مما يجعلها مقصد للسياح من شتى الأنحاء، لكن إذا كان حلمك أن تقضى بعضاً من الوقت فى جزيرة “سينتينل” يوماً ما، فعليك أن تفكر مرتين قبل الإقدام على هذه الخطوة حفاظا على حياتك!
على بعد 450 ميلاً من ساحل تايلاند وأكثر من 745 ميلاً من الساحل الهندى، تقع أكثر الأماكن عزلة فى العالم، ألا وهى جزيرة سينتينل، إحدى جزر إندمان الهندية الموجودة فى قلب خليج البنغال، الذى يشكل الجزء الشمالي الشرقي من المحيط الهندي.
تلك الجزيرة النائية التى تتبع سيادة الهند، تبلغ مساحتها حوالي 60 كيلو متر أي ما يقرب من مساحة ولاية منهاتن الأمريكية، وتمتاز سينتينل بكثافة الأشجار، وبالكثير من الشعب المرجانية التى تحيط بها، وتعداد سكانها غير معلوم ولكنه يقدر بالمئات، فيما لا تزال لغة السكان مبهمة، وعاداتهم الثقافية الغريبة غير معروفة على وجه الدقة، حيث أن سكانها يعيشون شبه عراة، ويتناولون الأطعمة البحرية وثمار الأشجار كجوز الهند.
الجزيرة الغامضة تم اكتشافها في القرن الثالث عشر من قبل المستكشفين الصينيين والعرب، ويرجع أصل سكانها إلى بعض المهاجرين الأفارقة الذين جاءوا إلى بحر إندمان منذ 60 ألف سنة.
منطقة محظورة
حاوطت المخاوف والمخاطر تلك الجزيرة، وذلك لرفض سكانها الاندماج مع الحضارة الحديثة، أو التواصل مع البشر، ومعاملتهم العنيفة والمميتة لكل من يقترب منهم، والتي تتمثل في الرشق بالسهام والرماح السامة، ونتيجة لحوادث عدة سجلت على تلك الجزيرة، اضطرت الحكومة الهندية لإعلانها منطقة محظورة، ومنع الاقتراب من ساحل الجزيرة مسافة ثلاثة أميال خوفاً على حياة المستكشفين والسياح، وكذلك أيضا لمنع انتقال الأمراض المعدية التي قد يحملها سكان الجزيرة.
شهدت الجزيرة أحداثا قديمة أدت إلى تعاملهم بعداء تجاه الغرباء، يُذكر منها فى ثمانيات القرن التاسع عشر، وبالتحديد عام 1857، حيث كانت الجزيرة مستعمرة بريطانية آنذاك، وسجنا لأولئك الذين شاركوا فى التمرد الهندي ضد الحكم الاستعماري، وعان أفراد القبيلة من أعمال عنف وخطف وتعذيب من قبل المستعمرين، مما أدى إلى تناقص أعدادهم إلى أن وصلوا لـ460 فرداً بحلول عام 1930 بعد أن كانوا 5 آلاف.
** اقرأ أيضا: “رونجو رونجو”.. طلاسم اللغة المفقودة لسكان جزيرة القيامة
ولكن يذكر أنه حدث توصل بين السكان الأصليين للجزيرة وبين أحد علماء الأنثروبولوجيا عام 1991، وذلك بعد عقدين من المراقبة البعيدة، إلا أنهم ما زالوا يرفضون أي محاولات للاقتراب منهم، والتي شملت أيضا رفضهم للمساعدات من قبل طائرات الحكومة الهندية بعد كارثة تسونامي عام 2004، وتوالت مهاجمتهم لأي زوار، كان آخرها معاملتهم العنيفة وقتلهم للمبشر الأمريكي جون تشاو نهاية العام الماضى.
آخر محاولات التواصل
فى نوفمبر 2018، قام المستكشف والمبشر الأمريكي “جون الين تشاو” بالسفر إلى الجزيرة لدعوة سكانها لاعتناق المسيحية، ولكنه لقي حتفه بأحد السهام السامة، بعد يومين فقط من محاولاته التواصل مع سكان الجزيرة.
“جون” البالغ من العمر 27 عاماً، قام باستئجار 5 صيادين وانطلق معهم يوم 14 نوفمبر، وما أن وصل قرب الجزيرة، حتى رفض الصيادون الاقتراب أكثر، إلا أنه قرر الذهاب بمفرده في قارب، حاملاً معه إنجيل مقاوم للماء وبعض الهدايا البلاستيكية، ولكن كل ذلك لم ينجح مع سكان الجزيرة، ففي صباح يوم 17 من نوفمبر، شاهده بعض الصيادين وهو مسحوب بحبل من رقبته، وقام السكان بدفنه في قبر على رمال الشاطئ.
** اقرأ أيضا: مدينة أوروبية تحظر الموت على أراضيها: الجثث لا تتحلل
وألقت الشرطة الهندية القبض بعد ذلك على الصيادين، الذين ساعدوا تشاو في الوصول إلى الجزيرة، ووجهت لهم تهمة الشروع في قتله، وخرق قانون حماية السكان الأصليين، كما أقيمت دعوى قضائية أخرى، تتهم سكان الجزيرة بقتله، ولكن أسقطت تلك التهم بعد إعلان والد تشاو مسامحته لسكان الجزيرة والصيادين، واعترافه بأن ابنه هو من أراد ذلك، وقرر الذهاب للجزيرة رغم معرفته بالخطر الذى سيواجهه.
وفى محاولة لاستعادة جثة “جون” ذهب بعض رجال الشرطة الهندية بقارب إلى الجزيرة، إلا أنهم فوجئوا بتجمع عدد من سكان الجزيرة على الشاطئ، ممسكين بالأقواس والرماح، فأوقفت الشرطة القارب بعيداً، وبدأوا يراقبون سكان الجزيرة بالمناظير المقربة، ولكن لم يفلح الأمر فعاودوا أدراجهم، وحتى الآن لم يتم استعادة الجثة.
وبعد ما سمعته.. هل لازلت تفكر في السفر إلى جزيرة سينتينل؟ إن كانت أجابتك هي نعم، فالتزم بالابتعاد عنها ثلاثة أميال حفاظاً على حياتك!