اللغة هى وسيلة التفاهم والحوار بين البشر، هى الأداة التي نستخدمها لتصل أفكارنا للآخرين بشكل واضح، ويتفاوت عدد اللغات حول العالم ما بين 5 آلاف إلى 7 آلاف لغة، لكننا نتساءل دائما، أيهما كانت اللغة الأولى التى انبثقت عنها جميع تلك اللغات؟ أو بشكل أوضح.. ما هي اللغة التىي تحدث بها آباؤنا آدم وحواء للمرة الأولى؟
هناك آراء ودراسات، تناولت تلك الفكرة عبر السنوات، من بينها الرأى الذى يرجح بأن الله عز وجل، علم آدم جميع اللغات، استنادا لقوله تعالى “وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا”، لتنتقل بذلك اللغات المختلفة مع أبناء آدم على اختلاف أجناسهم.
إلا أن هناك آراء أخرى ترى لغة آدام بشكل مختلف، فوفقا لكتاب “نشأة اللغة من إشارة اليد إلى نطق الفم” الذى كتبه “مايكل كورباليس” الأستاذ بجامعة برنستون الأمريكية، فإن لغة آدم كانت غير منطوقة بل كانت لغة إشارة باليدين.
** اقرأ أيضا: مقبرة “حواء” أم البشر .. لغز المدفن الذي اختلف حوله المؤرخون
فيما يعتقد في النصوص اليهودية أن اللغة التي استخدمها آدم وحواء للتواصل، كانت لغة مبتكرة، وقد تكون منطوقة، لكنها غير محددة، فهي لغة بسيطة جدا بدون مفردات كثيرة، تطورت مع الزمن ومع تطور متطلبات الحياة، والدليل على ذلك حسب اعتقادهم، أن أحد علماء اللغة الفرنسيين اكتشف عام 1995وجود حوالى 25 كلمة في جميع اللغات تعبر عن الاحتياجات الأساسية للإنسان، مما يدل على أن جميع اللغات بدأت من مصدر واحد.
أما في الديانة المسيحية فساد الاعتقاد بأن السماء لا توجد بها أي من لغات البشر، فلا يُعتقد أن الله يكلم ملائكته بنفس لغتنا، بل يرجحون نظرية التخاطر العقلى، وهي أن يضع الله ما يريده في عقول الملائكة مباشرة، دون الحاجة للكلام، فالله ليس له فم، لذلك قد تكون تلك الطريقة، هي ما استخدمها الله ليكلم آدم، أو أنه استخدم لغة يسهل على آدم فهمها وإدراكها، بعيدا عن لغة الفردوس التي لا مثيل لها.
فيما يعتقد بعض علماء الإسلام، أن آدم عليه السلام تحدث اللغة العربية، ومن هؤلاء العلماء الدكتور الراحل مصطفى محمود، حيث تحدث في إحدى حلقات برنامجه الشهير “العلم والايمان” عن طريقة تكون أصل اللغات، وحاول فيها إثبات تحدث آدم اللغة العربية، باعتبارها اللغة الأم، التى انشقت منها جميع اللغات فيما بعد، فذكر أنه خلال بحثه استوقفه كتاب باللغة الإنجليزية بعنوان “اللغة العربية أصل اللغات”، للكاتبة “تحية عبد العزيز إسماعيل”، المتخصصة فى علم اللغويات.
** اقرأ أيضا: “مغارة الدم”.. الموضع الذي شهد أول جريمة قتل في تاريخ البشرية
وأضاف “مصطفى محمود”، أن الكتاب احتوى على مفردات اللغات الأخرى وتوافقها مع مفردات اللغة العربية، كذلك فإن سعة محصول اللغة العربية، ومشتقاتها، كذلك حفاظها على كيانها وقوانينها، دون تحريف أو تشويه عبر السنين، جعلها وعاء للقرآن الكريم كما جاء فى آياته “قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ”.
ولكن قد يكون هذا الرأى، متعارضاً مع حديث رسول الله “صلى الله عليه وسلم”، عندما قال “أول من فتق لسانه بالعربية المبينة إسماعيل، وهو ابن أربع عشرة سنة”، ليكون أول من تحدث باللغة العربية، هما سيدنا إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام.
فيما تظل حقيقة اللغة التي تحدث بها آدم عليه السلام وطبيعتها سر كبير يحتاج مزيد من الدراسات للوصول إلى رأي قاطع مقنع يمكن اعتماده كمعلومة أقرب للصحة.