إذا كنت تهوى مشاهدة أفلام رعب تحوي مشاهد لأناس يسيرون مقطوعي الرأس، فلا تعتقد أن هذا مجرد خيالا للمخرج، بل هناك روايات شعبية كثيرة تتحدث عن وقوع حالات شبيهة تحدث أو عبر فيها أشخاص عن مشاعرهم بعد قطع رؤوسهم وفصلها عن أجسادهم!
ففي فرنسا يروى أن رجلا يدعى “فرانسوا لو جروس”، قام بعد إعدام “شارلوت كورديه” بالمقصلة عام 1793 -سيدة فرنسية اغتالت السياسي جان بول مارا- برفع رأسها لصفع خديها، وادعى المتفرجون حينها أن وجه كوردي أخذ تعبيرا غاضبا، كما أصيبت خدودها بالإحمرار، كذلك “آن بولين” الزوجة الثانية للملك هنري الثامن، قيل أنها تحدثت بعد قطع رأسها عام 1536.
** اقرأ أيضا: ماذا سيحدث لو منحنا “الروبتات” الحق في الزواج؟
التقارير سواء التاريخية أو الحديثة التي تحدثت عن ظهور علامات للوعي على أشخاص تم قطع رؤوسهم، دفعت بعض الباحثين والدارسين للتأكد من صحة هذه الروايات عبر التفسيرات العلمية والبحث في إمكانية بقاء الدماغ واعيا بعد فصله عن الجسم، أم أن كل هذه الروايات كانت مجرد قصص واهية.
ويقول “آدم تايلور” مدير مركز تعليم التشريح السريري و محاضر أول في جامعة لانكستر بالمملكة المتحدة، في مجلة Newsweek، إنه خلال السنوات الأخيرة، كان هناك اهتماما كبيرا بما يسمى أول عملية لزراعة رأس بشري في العالم، الذي ينوي إجرائها الجراح الإيطالي “سيرجيو كانافيرو”، وإذا كُتب النجاح لتلك العملية، ستُفتح مجالات متعددة للعلوم، لكن السؤال المطروح الآن، هل سينجو الدماغ بعد إزالته من الجسد الأصلي وإلى متى سيظل واعيا؟
كيف تعمل أدمغتنا؟
فالدماغ وكافة أجهزة الجسم الأخرى، تحتاج للأكسجين لأداء وظائفها، فالمخ وحده يستهلك 20% من الأكسجين، وإن قطعت الأوعية الدموية بالرقبة، يتوقف إمداد الأكسجين، مع استهلاك الكمية المتبقية منه في الدم والأنسجة بعد القطع، ولكنها لن تستمر في العمل لفترة طويلة.
كما أن الحركة لن تكون ممكنة إلا في الأنسجة أو الهياكل التي لا تزال أعصابها متصلة بالرأس، مثل العضلات المسؤولة عن تحريك العينين أو الفم.
** اقرأ أيضا: دراسة غريبة.. عقلك أول من يعلم أنك ميت بالفعل!
لكن يمكن لمعظم الزواحف أن تبقى على قيد الحياة لمدة تصل إلى ساعة كاملة بعد قطع رأسها، وذلك وفقا لما قاله خبير الزواحف الصيني “يانغ هونغ شانغ”، معلقا على حادثة الطاهي الصيني ” بينغ فان” الذى توفي بعدما تعرض للدغة أفعى كوبرا بعد 20 دقيقة من قطع رأسها عندما كان يعدها للطهو.
تجارب إدراكية
كما تطرقت بعض الدراسات في الأونة الأخيرة، لما يدركه الأشخاص الذين خاضوا تجربة الموت أو اقتربوا منها، فلوحظ أن المصابين بالنوبة القلبية أو بالسكتة الدماغية، يمكنهم وصف التفاصيل التي وقعت لهم وإدراك ما حدث في محيط الغرفة أثناء عملية الإنعاش، لنجد أنه رغم توقف القلب عن النبض، إلا أن العقل ما زال يدرك ما يجري حوله، مع العلم أن المرضى لم يظهروا أية علامة من علامات الوعي السريري.
وكشفت أبحاث أخرى، وجود نشاطا في الدماغ بعد 30 دقيقة من توقف القلب عن النبض، وهذا النشاط كبيرا بما يكفي ليتم اكتشافه بواسطة التخطيط الكهربائي للدماغ (EEG) وهو جهاز يقيس النشاط الكهربائي في المخ.
** اقرأ أيضا: بالصور.. فرنسا ظلت تنفذ عقوبة الإعدام بالمقصلة حتى عام 1981
أما فى الكائنات الحية الأخرى، فأشارت الدراسات التي أجريت، أنه بعد 48 إلى 96 ساعة من الوفاة، لا يزال التعبير الجيني والنشاط يحدثان داخل الأدمغة.
لذلك فهناك حاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث على البشر لتحديد حقيقة النشاط المكتشف بعد الموت، وكيف يرتبط هذا بالوظيفة والنشاط الواعي مقابل اللاوعي؟.
حالة مسجلة عالميا
كانت أشهر حالة للعيش بعد قطع الرأس هي تلك الحالة التي سجلت بموسوعة جينيس للأرقام القياسية، والمعروفة باسم حالة “مايك” الديك في كولورادو بالولايات المتحدة عام 1945، والذي تمكن من البقاء على قيد الحياة لمدة 18 شهرا، فعند ذبحه بالفأس، لم يُصب المزارع “ليود أولسن” رأس الديك بشكل صحيح، فبقيَت أذن واحدة وأكثر من جزء سليم بالدماغ، ورغم القطع ظل “مايك” يتحرك ويمشي بشكل طبيعي، حتى أنه حاول أيضاً أن ينظف ريشه على الرغم من أنه لا يستطيع فعلها، ولأنه لم يمت قرر “أولسن” الاهتمام به، فقام يومياً بإطعامه خليط من الحليب والماء عن طريق الحقن.
وأرجع العلماء واقعة “مايك” الديك، لاحتفاظه بأجزاء من نظامه العصبي المركزي الذي يتحكم في وظائفه الأساسية، بعد تعرضه لقطع الرأس، فضلا عن إصابته بجلطة دموية، كانت بالوقت المناسب لتمنعه من النزيف حتى الموت.
وبعد كل هذه المعلومات، هل تعتقد عزيز القارئ أن زوجة الملك هنري الثامن تحدثت بالفعل بعد قطع رأسها أم أن ما قيل بشأن هذه الواقعة مجرد خيال شعبي؟