“إن عاش المرء بحكمة فلن يخشى الموت” هذه إحدى المقولات الشهيرة لبوذا، مؤسس الديانة والفلسفة البوذية، والتي تذكر الروايات أنه ولد سنة 568 ق.م، في بلدة على حدود الهند ومملكة نيبال.

كان أبوه ملكاً صغيراً، لذا عاش حياةً مترفةً وتزوج صغيراً. ولما بلغ الـ26 عاماً، هجر زوجته إلى الزهد والتقشف، ودعا الناس إلى ذلك، وعاش لمدة ست سنوات بلا مأوى، ومات في الـ80 من عمره.

اختلف الكثيرون حول اعتبار “بوذا” نبي من الله أم لا؟. من أصحاب تأكيد هذا الطرح، الباحث والمفكر المثير للجدل بآرائه، نهرو طنطاوي، وذلك من خلال دراسة منشورة له في العام 2007، تحمل عنوان (البوذية ديانة سماوية، وبوذا نبي).

اقرأ أيضا: نظرية استندت لـ8 أدلة: مومياء سيدنا يوسف معروضة بالمتحف المصري!

وأكد نهرو خلال الدراسة على أن أتباع البوذية قاموا بعد بوذا بتحريف ديانته، وأدخلوا عليها الكثير من المعتقدات الوثنية، ولكن هذا لا يمنع أن بعضاً من نصوصه وتعاليمه الأولى المنسوبة لبوذا نفسه، تدلل على نبوته وسماوية تعاليمه، حتى وإن كان معظم تلك النصوص والتعاليم اندثر، وأدخلت عليها التحريفات بالزيادة أو النقصان.

ومن الجدير ذكره، أن هذه الدراسة لم تقتصر فقط على الديانة البوذية، بل تناولت كل الأديان الشرقية القديمة كالهندوسية والكونفوشيوسية والزرادشتية، وقد تبين للباحث من خلال استقرائه للنصوص الدينية والفلسفية والتاريخية لتلك الأديان، ومقارنتها مع نصوص القرآن الكريم، أن هناك اتفاق بين أصول عقائد هذه الديانات وبين نصوص العقائد القرآنية الواردة في القرآن الكريم.

وكان من بين أسباب اختياره لهذا الاسم تحديداً للدراسة، هو أن النصوص الدينية الفلسفية لبوذا، تمتاز بالعمق وبعض الغموض حول حقيقة ما كان يدعو إليه بوذا، لدرجة أن هذه النصوص حيرت الكثير من الفلاسفة الغربيين والعرب وعلماء مقارنة الأديان، في تحديدهم لحقيقة هذه النصوص، ولهوية بوذا الدينية، وهل هي نصوص فلسفية محضة منبعها التأمل الإنساني لبوذا، أم هي نصوص دينية سماوية مصدرها إلهي؟ كما أن العلماء تحيروا حول اعتبار بوذا ملحد؟ أم نبي؟.

اقرأ أيضا: هل رسم الفراعنة نبي الله إبراهيم عند زيارته إلى مصر؟

كما سلم الأستاذ حامد عبد القادر، وهو من علماء منتصف القرن الـ20 في كتابه “بوذا الأكبر: حياته وفلسفته” أن النبي ذا الكِفْل، المذكور في القرآن مرتين، هو بوذا، ويوضح أيضاً أن “الكِفْل” تعريب لكلمة “كابيلا” المختصرة عن “كابيلاواستو”، وأن “شجرة التين” المذكورة في سورة التين تشير إلى بوذا، لأنه حقق الاستنارة تحت شجرة تين، في حين ذهب جمهور العلماء إلى أن ذا الكفل هو النبي حزقيال.

العديد من علماء الدين والفكر يوافقون على اعتبار بوذا نبي، حيث يؤكد عبدالقادر ذلك بقوله “إن البيروني، عالم فارسي مسلم من التاريخ الهندي في القرن الـ11، ذكر بوذا كنبي من الأنبياء”، بينما يرفض آخرون هذه الشهادة، ويقولون إن البيروني كان يصف حال الناس في الهند الذين كانوا يعتبرون بوذا نبيًّا.

الداعية الإسلامي الكويتي طارق السويدان، قال إن بوذا يعتبر من أنبياء الله، ولكن تم تحريف تعاليمه، ونشر السويدان هذا الرأي على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، ليكون رد الداعية الإسلامي السعودي عبدالعزيز الطريفي عليه قائلا “لم يرِد أن بوذا كان نبياً لا عن النبي ﷺ ولا عن السلف كالصحابة والتابعين وأتباعهم، كما أنه ليس من أتباع الأنبياء ولا صاحب دين وإنما فيلسوفاً ناسكاً”.

اقرأ أيضا: “مجلة لقمان”.. هل هي كتاب سماوي مجهول نزل في أسوان؟

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ والشيخ صالح بن فوزان الفوزان والشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد باللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، صرحوا بشكل واضح أن “بوذا فيلسوف كافر، وأن من يعتقدون بنبوته فهم كفرة مثله، وقد اعتقد قومه في ألوهيته، وعبدوه من دون الله، وقد اعتنق هذه الديانة البوذية الوثنية كثير من البشر قديماً وحديثاً، والواجب على المسلم بغض هذه الديانة، وبغض أهلها، والبراءة منهم”.

الجدير بالذكر أن بعض المؤرخين زعموا أن بوذا شخصية خرافية لا وجود لها من الأساس، وأن الأسطورة تقول إن روح بوذا خالدة خلود الدهر، وهي تتمثل في الدلاي لاما، زعيم هضبة التبت، وعندما يموت فإنه يموت جسدياً ولكن روحه أو روح بوذا تنتقل لأحد المواليد الجدد من التابعين للبوذية.

وتحتل البوذية كديانة المرتبة الرابعة في قائمة أكثر الديانات أتباعاً حول العالم، فيقدر عدد من يدينون بها بأكثر من نصف مليار شخص، وتشكل مع الهندوسية وعدد من ديانات شرق آسيا نمطاً يختلف كلياً عن الديانات السماوية المعروفة، حتى أن لهم مفهوماً خاصاً للآلهة، أقرب إلى آلهة اليونان منهم إلى الإله التوحيدي.