ربما لا يخلو موقع إلكتروني من المواقع اليونانية أو الأوروبية المهتمة بقصص الغرائب وبالأحداث التاريخية الاستثنائية، من قصة الراهب “مايكل تولوتوز” الذي يعتقد الكثيرون أنه الرجل الوحيد في العالم، وربما في التاريخ، الذي ولد وعاش ومات دون أن يرى امرأة في حياته قط، حتى أمه التي ولدته!
قصة هذا الراهب مثيرة حقا وتستحق البحث، إلا أن المعلومات المتوافرة عنه قليلة للغاية، وهو أمر متوقع بالنظر إلى الحالة والظروف التي أحاطت بحياته، كما أن قصته لم تعرف وتذاع في وسائل الإعلام والصحف إلا في عام 1938، أي قبل ما يزيد على ثمانين عاما من الآن، ولكن بالرغم من ذلك، تظل التفاصيل القليلة المتوافرة عن هذا الراهب، مليئة بالغرابة والدهشة، وقادرة على إثارة الجدل حول مدى إمكانية حدوثها من عدمه.
طفلا يبحث عن ملجأ
تقول المواقع اليونانية، إنه في عام 1856، وبالقرب من جبل آثوس المعروف باسم “الجبل المقدس” والواقع شمال شبه جزيرة كالسيديس بمقاطعة مقدونيا اليونانية، ولد طفل لم يكن قد حصل على اسم بعد، حيث ماتت أمه بعد 4 ساعات فقط على ولادته، فيما لم يعرف أبوه على وجه التحديد.
بعد عدة أيام، ونظرا لعدم تقدم أحد لتبني الطفل الذي ولد يتيما، قام أحد الأشخاص بنقل الطفل ووضعه أمام بوابة دير شهير يقع أعلى جبل آثوس، ويقيم به رهبان من مختلف الكنائس الأرثوذكسية.
بطبيعة الحال، تبنى رهبان الدير هذا الطفل اليتيم، وأطلقوا عليه اسم “مايكل تولوتوز”، ونشأ بينهم حتى سن المراهقة، حيث كان بمقدوره اتخاذ قرار إما بمغادرة الدير لأول مرة في حياته، أو دخول سلك الرهبنة والبقاء في الدير إلى الأبد، وكانت المفاجأة أن قرر الشاب الصغير أن يصبح راهبا من رهبان الدير بشكل رسمي ونهائي، لأنه لم يكن يعرف في حياته غير هؤلاء الرهبان ولم يكن لديه فضول لاكتشاف العالم في الخارج، وذلك بالرغم من القواعد الصارمة التي كانت تطبق داخل الدير.
قواعد الدير العجيبة، بدأ تطبيقها منذ عام 1060م، حيث نصت على عدم السماح للرهبان بحلق شعورهم أو لحاهم أو حتى الاستحمام! كما لم يكن يسمح لهم بإثارة أي جدال أو نقاش حول أي موضوع، والأهم أنه كان من الممنوع عليهم بشكل قاطع السؤال عما يوجد خارج جدران الدير!
فقد كانت تنص القواعد على عدم السماح لمن يدخل سلك الرهبة داخل الدير بمغادرته ثانية والعودة لحياته الطبيعية تحت أي سبب، إلا إذا قرر ترك الرهبنة نهائيا، وهو أمر معاقب عليه دينيا حسب معتقدهم، بينما كان الأمر بالنسبة للراهب مايكل مختلف، فلم تكن له حياة خارج الدير حتى يعود إليها، لذا لم يكن مستغربا اتخاذه قرارا بالبقاء.
لا نساء.. ولا حيوانات!
من بين أغرب القواعد التي كان يطبقها رهبان الدير، هي عدم السماح للنساء أو الحيوانات بدخول الدير أو حتى الصعود إلى قمة جبل آثوس باعتباره جبلا مقدسا! وهي القواعد السارية حتى الآن داخل الدير، لذا فإن فرص لقاء الراهب مايكل بأي امرأة داخل الدير كانت غير واردة على الإطلاق.
نتيجة لهذه القواعد، نشأ الراهب مايكل دون أن يرى امرأة في حياته قط، حتى أمه التي ولدته لم يتمكن من النظر لوجهها حيث غادرت الدنيا بعد وصوله بساعات قليلة، ليظل الراهب على التزامه بقواعد الدير حتى وفاته في عام 1938م، ليموت بعدما بلغ من العمر 82 عاما، دون أن يرى في حياته امرأة أو حيوانا، ودون أن يعلم أن العالم كانت به اختراعات مثل السيارات والطائرات وكاميرات التصوير والأفلام السينمائية!
حتى تاريخ وفاته، لم تكن قصة الراهب مايكل شائعة في اليونان، إلا أن رهبان الدير أذاعوها عقب وفاته ونقلوها للسياح الرجال الذين كان يسمح لهم بزيارة الدير، باعتبارها قصة من نوادر القصص الإيمانية التي يجب أن يتعلم منها الآخرون، وأقاموا له مراسم جنازة ودفن خاصة، بوصفه الشخص الوحيد في العالم -وربما في التاريخ- الذي ولد وعاش ومات دون أن يرى امرأة في حياته قط، ولم يعرف أن هناك جنسا آخر غير الرجال على هذا الكوكب.