ذُكرت في القرآن الكريم العديد من الحشرات، منها: العنكبوت، والنمل، والقمل، والنحل، والبعوض. والأخيرة خصها الله تعالى بقوله في سورة البقرة “إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا”، كدليل على حكمته في ضرب الأمثال.

وتعتبر البعوضة “مصاصة دماء” من الدرجة الأولى، ويوجد حول العالم أكثر من ألفي نوع من البعوض، ولها تركيب معقد جداً لا يزال يحير العلماء حتى يومنا هذا، وذلك لصغر حجمها مقارنة بما تحتويه تركيبتها التشريحية.

تشريح البعوضة

ذكر الباحث السوري عبد الدائم الكحيل على موقعه بالإنترنت، عدة حقائق عن أنثى البعوض، فهي تمتلك 100 عين في رأسها تشبه خلية النحل تحت المجهر، وفي فمها 48 سن تسهّل عليها ثقب الجلد، ولها ثلاثة قلوب في جوفها موزّعة في أنحاء جسمها، وفي خرطومها ستة سكاكين لكل واحد منها وظيفة خاصة، كما أن لها ثلاثة أجنحة على كل جانب، ومزودة بجهاز حراري يعكس لها لون الجلد البشري في الظلمة ليحوله إلى لون بنفسجي حتى تستطيع رؤيته.

وتمتلك أنثى البعوض جهاز تخدير موضعي يساعدها على غرز إبرتها دون أن يشعر الإنسان بها، بالإضافة لجهاز تحليل للدم وجهاز لتمييعه حتى يسري في خرطومها الدقيق، وكذلك جهاز للشم تستطيع به اكتشاف وشم غاز ثاني أكسيد الكربون على بعد 75 قدماً، وبالتالي تتعرف على وجود الإنسان وتصل إليه.

خطورة البعوضة

تعتبر أنثى البعوض من أخطر الكائنات على وجه الأرض لما تسببه من أمراض قاتلة للبشر والحيوانات، فيذكر التاريخ أنها كانت السبب وراء تعرض الإنسانية للعديد من الأمراض الفتاكة كالملاريا، والحمى الصفراء، داء الفيل، وحمى الضنك، فنقلها السريع أدى لانتشار تلك الأمراض، فهي تقطع في طيرانها مسافة ما بين ميل إلى ميل ونصف في الساعة، ويمكنها أن تعيش في أي بيئة وتتكيف مع أقسى الظروف، بل وتنتقل إلى أبعد مكان فى العالم بواسطة الطائرات ومع المسافرين.

https://www.youtube.com/watch?v=a1FyMToOQeU

فما فوقها

واكتشف الدكتور”مصطفى إبراهيم حسن”، الأستاذ بكلية العلوم بجامعة الأزهر، أن جملة “فما فوقها” كما جاء في تفسير الطبري، تحمل العديد من المعاني فيمكنها أن توضح العلاقات المعقدة التي تربط بين البعوضة والكائنات الأصغر منها التي تعيش داخل معدة البعوضة مثل البكتريا والتي تساعد في تصنيع مضادات للفيروسات التي تهاجم البعوضة أثناء تناولها للدم.

أما إذا أخذنا معنى “فما فوقها” على أنه ما فوق جسم البعوضة، فلقد وجدت الأبحاث أن هناك كائنات دقيقة أصغر من البعوضة تعيش فوق جسمها من الخارج وتفترس البعوضة وتقتلها مثل الفطريات، كما أننا إذا أخذنا معنى “فما فوقها” بأنه ما أكبر منها فى الحجم، فإننا سنجد أيضًا أن البعوضة ترتبط بعلاقات مع الكائنات الأكبر منها وخاصة الإنسان والحيوان، حيث تصيبهم بالأمراض.

وأكد هذا الكلام، اكتشاف الكندي ديفيد ماركس نوع من البعوض محمل بعدد هائل من الحشرات الأصغر منها، وقد التقط عدة صور لهذا، حيث يظهر على ظهر البعوض نوع من الحشرات يُدعى “ميتس”، لا تتغذى على دم الإنسان بل على دم البعوض نفسه، ولا يمكن رؤية تلك الحشرات الصغيرة بالعين المجردة، ويضيف أحد العلماء الذين درسوا هذه الظاهرة وهو بروس دوران من المركز العلمي في سودبيري أن هذه الحشرات الصغيرة تعيش وتتغذى على أنثى البعوض تحديداً، وهذا ما أشار إليه القرآن بكلمة “ما فَوْقَهَا” عندما استخدم صيغة المؤنث.

يُذكر أنه في العام 1902، حصل عالِم الجراثيم رونالد روس على جائزة نوبل للعلوم، أثناء دراسته لنوع من البعوض يُسمى “أنابوليس”، حين اكتشف أن يقوم بنقل مرض “الملاريا” الفتاك إلى جسم الإنسان.